النحيب لا يعني أكثر من انهم فقدوا الدجاجة التي تبيض ذهباً . حاصروا جمهورية سبتمبر في قصورهم وشركاتهم وضياعهم وأرصدتهم ومنعوها عن الناس .. لم يصل إلى الناس من الجمهورية سوى ” دمت يا سبتمبر التحرير” ..وصورة الأحرار وهم يخرجون من السجن شم الأنوف ، وصورة اللقية والعلفي وهما يعدمان بسيف جلاد الإمام ، أما علي عبد المغني فقد مسحوه من خارطتهم الإعلامية كما عملوا مع أحمد عبد ربه العواضي وَعَبَد الرقيب عبد الوهاب وكثيرون ممن ” عفوا عند المغنم” بتعبير عنترة .
كان البسطاء والكادحين من الناس يحومون حول قصور وشركات النهابة يبحثون عن الجمهورية في صورة بقايا طعام من مخلفات القصور ، أو فرصة عمل ، وعندما كان مزمار الجمهورية يصدح من داخل هذا القصور ، كان صوتها يصل إلى آذان هؤلاء البسطاء والجياع فلا يَرَوْن حواليهم سوى خرائب الفساد والاستبداد ، وأشد الخرائب سوءاً كانت تلك التي احدثها أولئك الذي داهنوا الاستبداد وتعيشوا منه ووفروا له البيئة الثقافية التي نمى فيها مطمئناً الى رضى ” الخالق” عما يصنعه هؤلاء السدنة بعباده .
كان هؤلاء البسطاء يتساءلون هل هذه هي الجمهورية التي قلت لنا ذات يوم يا سلال إنها ستنقلنا الى العصر الحديث ، وستساوي بين الناس ، وستأخذ من الأغنياء واللطاشين لتهب للفقراء ؟
إنتظروا أن تأتي جمهوريتهم ، ولم تأت .. جاء من يقمعهم باسمها ، وجاء من ينهبهم باسمها ، جاءوا محاطين ومحروسين بأطقم ودبابات ومعها من يذكر الناس بأن الله يعز من يشاء ويذل من يشاء ويهب الملك لمن يشاء ويطلب منهم الصبر وعدم النظر بعين الحسد لمن أعطاه الله النعمة .. تجلت “الحكمة اليمانية” في تفسير خبيث لمضامين الإيمان ، فلا يدري أحد كيف يساوى في الإيمان بين لص ونهاب لقوت الناس وآخر فقير معوز ترك مكشوفاً على مجاهيل لا ترحم .
النهابة ولصوص الثورة والجمهورية هم الذي سلموا صنعاء واليمن كلها للحوثيين بواسطة نظامهم السياسي والاجتماعي الذي أقاموه بعنوان الجمهورية ومضمون نقيضها .. سلم الثورة والجمهورية عندما حاصرهما داخل قصور الفاسدين والنهابين وعزل الجمهورية عن الشعب وأفقدها مضمونها وحولها إلى ضيعة للموالين ، وقدمها على أنها المسئولة عن إفقار الناس .
وجاء أعداؤها القدامى وكانوا على موعد مع ميراث شكله لصوص الجمهورية وفصلوه بمقاسات النزق والجشع الذي ظهر به الوارثون ليتناوبوا الانتقام من الجمهورية ومن الشعب الذي عاصر تدمير الجمهورية مرتين : مرة أخلاقياً ، واُخرى عسكرياً ولكن بنفس الأخلاق التي كانت القاسم المشترك لطغاة التدمير ..
فتشوا عن ٢٦ سبتمبر والجمهورية في وجدان وضمير البسطاء ، ومن أعماق هؤلاء فقط ستعود منتصرة .