ما المانع من أن يكون هناك لجنة تحقيق دولية في قضايا الضحايا والمجازر الجماعية التي ارتكبتها طائرات التحالف وعصابات الانقلاب الإرهابية في اليمن؟ هل اللجنة الوطنية ستقول الحقيقة كما هي وتنتصر للضحايا بعيدا عن الفاعل كائنا من كان؟هل سيجد أهالي الضحايا تعويضات عادلة كتلك التي حصلت عليها عائلات ضحايا لوكربي وسيحصل عليها أهالي ضحايا 11 سبتمبر، أم أن دماء اليمنين رخيصة ومجانية ولا تستحق تجريم وتغريم القتلة؟
كل الذي أعرفه أننا كشعب نمر بمرحلة سيئة للغاية لا انقلاب شريف انقلب ضد نظام لم يعجبه، لكنه انقلب ضد الدولة والشعب وضرب البلد في هويتها وأراق دماء الناس، ولا شرعية قادرة على السيطرة على القرار في البلد الذي ينتظر منها الكثير بحسب هذه المرحلة المضنية.
بمجرد صدور القرار الذي تم اعتماده من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في دورته الـ 36 هللت الخارجية اليمنية واعتبرته انتصارا يصب في خانتها المكتظة بالانتصارات “واللهم لا حسد”، وكان الأولى بالخارجية والشرعية شرح وتفصيل هذا الإنجاز قبل اعتباره إنجازا وانتصارا، لترك الأمر للشعب والمهتمين لاعتباره انتصارا كبيرا أو حتى انتصارا جزئيا، فالناس بحاجة إلى أن يفهموا أولاً. ربما كان دور وزارة الإعلام غائبا وهي المنوطة بالشرح والتوضيح والتفسير للناس، لكنه تداخل الأعمال في مؤسسات الحكومة التي مازالت غير قادرة على ضبط إيقاع وتناغم مؤسساتها، إن كان هناك من إنجاز فهو للحكومة إذا كانت مازالت تعمل كفريق عمل واحد، أما المسارعة في حصد الإعجابات فهذا أقل ما يحسب للحكومة المتقاطعة الأعمال.
في الحقيقة لا يهمنا تقاطع أو تضارب عمل الحكومة ما يهمنا هما أمران: الأول هو الانتصار للضحايا من الإجرام والإرهاب والقتل الذي اتخذ ضدهم دون مراعاة لقواعد الاشتباك المعروفة، وذلك لإيقاف الهجمات ضد المدنيين نهائيا مهما كانت الظروف التي تمر بها أطراف الصراع، والأمر الثاني أن يصب القرار في مصلحة القضية اليمنية ويساهم في التخفيف من آثار هذه الحرب المفروضة على شعبنا دون إرادة منه وفهم أن إطالة أمدها يصب في مصلحة الانقلاب ومن دعموا الانقلاب قبل وأثناء وقوعه ويدعمونه اليوم بإطالة عمره ويمنحونه المكاسب تلو الأخرى.
التحالف لا يريد أن يدان من حرب كان ولا يزال طرفا أساسيا فيها، ووصف فعله هذا في بداية الحرب أنه استجابة لطلب الشرعية لإعادتها إلى سدة الحكم، ومنذ أشهر خالف هدفه واختلفت نغمته وسلوك بعض أطرافه على الأرض وفي السواحل اليمنية. وفي هذا الصدد أوردت صحيفة الشرق الأوسط أمس عنوانا تقول فيه: “الدبلوماسية السعودية تقي اليمن سيناريو تدويل التحقيقات” وهذا يعني أنها مالئة يدها من اللجنة الوطنية التابعة للشرعية وهذه الوقاية ستقيها من المساءلة عاجلاً وأجلاً، لأن هناك من هو مستعد أن يبيض صفحاتها. والبند العاشر الذي سيتحرك فيه فريق الخبراء الدوليين هو فريق حُزم وتوصيات منها ما هو باتجاه الأسفل، اللجنة الوطنية في كيفية إدارة أعمالها بهذا الخصوص، ومنها ما هو للأعلى موجه للمندوب السامي لحقوق الإنسان.
الانقلاب هو يقاتل نيابة عن “أبي عبد الله حسين محب”، ولا يجد في جرائمه غير قربات إلى الله وإيران وأسياده الذي يلعنهم نهارا ويحني لهم ظهره ليلا، وبمجموع لصوصه لن يدفع تعويضات لأحد.. اللصوص سرقوا البنك المركزي ومرتبات الناس وحربهم مقدسة ولن يعوضوا أحداً، وصالح لن يدفع تعويضات لأحد، فهو شريك من الباطن وشركاء الباطن يحتاطون للدفاع عن أنفسهم بالدفع بالمغفلين إلى الواجهة دوما.
لم نطلب سوى توضيحات أكثر وإعادة النقاش إلى مستوياته المختلفة، وهذا ليس صعباً يا حكومة وشكرا.
(مسند)