يبدو أن التحالف القائم منذ 3 سنوات بين الحوثيين والرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح انفرط، مع تبادل الطرفين الاتهامات بعد 4 أيام من المواجهات الدامية في صنعاء، وإعلان صالح استعداده فتح “صفحة جديدة” مع التحالف بقيادة السعودية، الذي رحَّب بتصريحاته.
وتحوَّل الانقسام في صفوف المتمردين إلى عنف هزَّ صنعاء هذا الأسبوع، وزاد المخاوف من ظهور جبهة جديدة في الحرب التي حصدت آلاف الأرواح، وتسبَّبت بأزمة إنسانية.
كما أن الحكومة اليمنية الشرعية ومن خلفها التحالف أعلنوا وقوفهم مع الانتفاضة ضد الحوثيين وقام التحالف مساء السبت بقصف مواقع للحوثيين في العاصمة.
وتجدَّدت الاشتباكات، الدائرة منذ الأربعاء في صنعاء، السبت 2 ديسمبر/كانون الأول 2017، حيث اتهم زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي الرئيس السابق بـ”الخيانة”.
البحث عن السيطرة
وتحالفت قوات صالح، رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام مع الحوثيين المؤيدين لإيران منذ 2014، في مواجهة التحالف العسكري بقيادة السعودية، الذي تدخَّل في اليمن دعماً للرئيس عبد ربه منصور هادي في العام التالي.
لكن اندلعت منذ الأربعاء مواجهات في صنعاء، أوقعت عشرات القتلى بين حلفاء الأمس.
وأكد عبدالملك الحوثي مقتل أو إصابة 40 شخصاً على الأقل، فيما أشارت مصادر أمنية في صنعاء إلى سقوط أكثر من 60 بين قتيل وجريح.
وتقاتل الجانبان للسيطرة على المحاور المهمة في العاصمة، السبت، بما في ذلك الوزارات والمطار الدولي، وفق مصادر أمنية وشهود. وبدت صنعاء أشبه “بمدينة أشباح”، وفق أحد السكان.
وقال صالح في خطاب نقله التلفزيون “أدعو الأشقاء في دول الجوار والمتحالفين أن يوقفوا عدوانهم، وأن يرفعوا الحصار، وأن يفتحوا المطارات، وسنفتح معهم صفحة جديدة”.
وأضاف: “سنتعامل بشكل إيجابي. ويكفي ما حصل في اليمن” الذي أوقع فيه النزاع أكثر من 8750 قتيلاً، وأكثر من 50 ألف جريح، بينهم أعداد كبيرة من المدنيين، منذ مارس/آذار 2015، وبات القسم الأكبر من سكانه يعتمدون على المساعدات الإنسانية.
وأكد صالح “نتعهّد لأشقائنا وجيراننا أننا بعد وقف إطلاق النار وإيقاف التحركات على الأرض وفتح المطارات ورفع الحصار سنتحاور مباشرة كسلطة شرعية ممثلة بمجلس النواب”.
وحمل الرئيس السابق بعنف على الحوثيين، مضيفاً: “أدعو القوات المسلحة والأمن ألا تنفذ أي تعليمات من قيادة أنصار الله (…)، نفِّذوا تعليمات المؤسسة العسكرية الممثلة بالقيادات الوطنية التاريخية، الذين شملتهم التصفيات من قبل قيادة أنصار الله”.
ورحَّب التحالف العسكري بقيادة السعودية بتصريحات صالح. وأفاد في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية، أن “استعادة حزب المؤتمر الشعبي في اليمن زمام المبادرة، وانحيازهم لشعبهم ستخلص اليمن من شرور الميليشيات الطائفية الإرهابية (…) التابعة لإيران”، في إشارة إلى المتمردين الحوثيين.
بدورها، رحَّبت الإمارات بهذه التطورات، وحيا وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش على تويتر “انتفاضة صنعاء”، التي قال إنها ستعيد “شعب اليمن إلى محيطه العربي الطبيعي”.
انقلاب
لكن تصريحات صالح أثارت غضب الحوثيين. وقال عبدالملك الحوثي في خطاب بث مساء السبت “أصبحتم جبهة واحدة”، في إشارة إلى صالح والتحالف الذي تقوده الرياض.
ووصف موقف صالح بأنه “خيانة كبيرة للوطن” واعتبره “انقلاباً”.
أما المكتب السياسي لحركة “أنصار الله”، وهو الاسم الذي يطلقه الحوثيون على أنفسهم، فاعتبر أنه “من غير الغريب ولا المفاجئ أن يخرج صالح منقلباً على شراكة لم يؤمن بها يوماً”، وتوعَّد بأن “تدفع عواصم العدوان ثمناً باهظاً”.
من جهته، قال المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إنه “قلق للغاية” جراء التطورات الأخيرة، داعياً جميع الأطراف إلى “ممارسة ضبط النفس”، وتجنب استهداف المدنيين.
في المقابل، بدت حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي مرحبة بتحرك صالح لإبعاد نفسه عن الحوثيين، الذين تتهمهم بتنفيذ أهداف إيران في اليمن.
وأكدت دعمها للجهود الساعية إلى “الحفاظ على عروبة اليمن ووحدة أراضيه، حيث سيتم دعم كل طرف يواجه عصابة الحوثي الإرهابية، والتعاون مع كل مواطن يمني مخلص يعمل لتخليص البلاد من هذه العصابة الآثمة”.
واتهمت السعودية وواشنطن مراراً إيران بتزويد الحوثيين بالسلاح، وهو ما تنفيه طهران.
إعلان “الحرب”
وحكم صالح اليمن طيلة 33 عاماً، قبل أن يضطر إلى نقل السلطة إلى هادي، الذي كان نائبه آنذاك في 2012، بعد حراك شعبي. وخاض ست حملات ضد الحوثيين، وهم أقلية زيدية يعيش معظم أفرادها في شمالي اليمن.
واتهم صالح الحوثيين بأنهم كانوا البادئين بإعلان “الحرب” في صنعاء، في بيان صادر عن حزب المؤتمر الشعبي العام.
وأعرب حزب المؤتمر الشعبي عن أسفه لفشل جهود الوساطة، الجمعة، بين المعسكرين المتحالفين منذ سيطرتهما على صنعاء، في سبتمبر/أيلول 2014، ودفعهما هادي وحكومته إلى الفرار إلى عدن والسعودية.
وشكل صالح والحوثيون حكومة موازية في صنعاء، رغم اختلافهم على تقاسم السلطة منذ أشهر، الأمر الذي أجج التوتر بين الجانبين، بعد أن اتهم صالح الحوثيين بالسعي إلى احتكار السلطة، ونعته الحوثيون بالغدر لاشتباههم بأنه يجري اتصالات مع السعودية.
وأحكم التحالف العسكري الذي تقوده السعودية حصاره على اليمن، بعد اعتراض صاروخ قرب مطار الرياض، أطلقه الحوثيون الشهر الماضي.
ومن جهتها، حثت الأمم المتحدة التحالف على فتح الموانئ المطلة على البحر الأحمر، للسماح بإيصال المساعدات، محذرة من أن “أكثر من ثمانية ملايين شخص قد يتعرضون إلى المجاعة، دون دخول مساعدات غذائية عاجلة إلى اليمن”.