للأسبوع الرابع على التوالي تستمر مؤسسة “سينما صوت” في مشروعها الذي يستهدف إعادة اليمنيين إلى العمل السينمائي في بلد أغلقت فيه دور السينما أبوابها منذ نحو عقدين.
وسط عده تحديات يأتي على رأسها العادات الاجتماعية والحرب الدائرة في البلاد وموقف الحوثيين المعادي للسينما، تحاول مؤسسة “سينما صوت” عبر نشطائها وصفحاتها على الشبكات الاجتماعية الترويج للفكرة.
لا يقتصر مشروع “سينما صوت” على مشاهدة الأفلام فقط كل أربعاء، بل تعدى ذلك إلى تنظيم مناقشات بين الجمهور وتقديم أوراق نقدية يقدمها متخصصون في النقد السينمائي.
وكان فيلم الخيال العلمي الاجتماعي “the giver” الذي أُنتج في عام 2014، هو محور النشاط السينمائي للأسبوع الرابع، فيما يُعد الناقد نبيل الخضر ملاحظاته النقدية حول الفيلم.
فتيات يحضرن العرض
في قاعة العرض بالمقهى الذي يرتاده نشطاء يمنيون والذين لا يتناولون نبتة القات المخدرة كما تجري العادة في مثل هذه المقاهي، أخذت عشرات من الفتيات جانباً من القاعة، وهذه صورة غير مألوفة في بلد يضع قيوداً اجتماعية على المرأة.
“ما زال الحضور يتزايد وهناك إقبال على المشروع”، هكذا قالت سماح الشغدري وهي كبيرة منظمي الفعالية ومديرة المؤسسة التي تعرض الأفلام الروائية والوثائقية والدرامية التي تروج لحرية التعبير والحوار وتفتح آفاق التفكير الإيجابي والإبداعي.
سماح قالت لـ”هافينغتون بوست عربي” بأن مؤسستها تعرض 20 فيلماً سينمائياً ووثائقياً، بالإضافة لتنظيم فعاليات فنية وموسيقية مصاحبة للعروض وحلقات نقاش تهدف لتفعيل الحركة الثقافية، وإعادة الاهتمام بفن السينما.
صامد السامعي وهو شاب عشريني حضر العروض السينمائية الأربعة، قال بأن الفعالية تناهض التمييز وتطرح قضايا عميقة، وتناقشها بسهولة وتنقل الأفكار بشكل مبسط أكثر من الكتاب، وبالأخص في مجتمع مثل اليمن نسبة الأمية تصل فيه إلى 60%.
فكرة المشروع
بدأ مشروع “سينما صوت” منذ 6 أشهر تقريباً، سعى من خلاله المنظمون إلى البحث عن مانحين دوليين بُغية دعم المشروع السينمائي، غير أن الحرب الدائرة في اليمن، بالإضافة لاضطرابات الوضع السياسي وانعدام الخدمات الأساسية والمشتقات النفطية كل ذلك عرقل عملية تنفيذ المشروع على الواقع.
عامل آخر كان محبطاً لفريق العمل، فالمجتمع اليمني تقليدي ومحافظ، وانقطعت صلته بالسينما منذ نحو 15 عاماً حين أغلقت آخر دار سينما أبوابها في وجه الجمهور، وعقب ذلك تعرض الوعي اليمني لسلسلة من انعدام الثقة بفن السينما، وفي مرحلة من المراحل كان من يدخل تلك الدور يوصم بالفحش والرذيلة “فهو ذهب لمشاهدة الأفلام الإباحية“.
غير أن سماح وفريق عملها وجدوا ضالتهم في منظمة “صندوق الأمير كلاوس” بالعاصمة الهولندية أمستردام التي عرضت دعمها للمشروع، رغم أنها لم تكن مؤمنة بتنفيذ الفكرة.
استمرت المراسلات بين الطرفين أكثر من 4 أشهر، حينها أعلنت “سينما صوت” عن عرض الفيلم المصري “الثلاثة يشتغلونها” بطولة الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز، وكانت الورقة النقدية من إعداد الناقد السينمائي وضاح الجليل.
نجحت الفكرة في أول أيامها وإن كان التنظيم ليس جيداً بما فيه الكفاية، حينها التقط شبان وشابات عدداً من الصور الفوتوغرافية ابتهاجاً بالتجربة الأولى.
نجاح العمل
“ثقافة الفنون البصرية عادت من جديد، وهزمتك يا موت الفنون جميعها، والحضور جيد جداً”، هكذا علقت سماح الشغدري بفرح كون العرض الأول مر بنجاح والحضور كان جيداً، رغم المخاوف الأمنية وانقطاع التيار الكهربائي.
قاعة في مقهى “كوفي ترايدر” اُتخذت صالة لعرض الأفلام، وجهاز عرض “بروجكتر” والعشرات من الكراسي وجهاز كمبيوتر، بالإضافة لمولد كهرباء، كانت هذه مقومات المشروع السينمائي الجديد، غير أن المخاوف الأمنية هي الشغل الشاغل لفريق العمل.
فالمسلحون الحوثيون المتشددون دينياً والذين بسطوا سيطرتهم على المدينة يعادون العديد من الفنون السمعية والبصرية، ويحرمون الغناء والعزف، وسبق أن خطفوا فنانين شعبيين وأجبروهم على التعهد بوقف نشاطاتهم الفنية.
في نهاية فيلم “the giver” اعتلى نبيل الخضر منصة أمام الجمهور وعرض عليهم ورقته النقدية حول الفيلم، بعد ذلك وزع منظمو الفعالية ميكرفونات على الحضور، إيذاناً بفتح باب النقاش.
يتمحور النقاش حول أبعاد الفيلم ومدى معالجته للقضايا الإنسانية، وفي ختام ذلك يُرشح الجمهور فيلماً جديداً للأسبوع القادم، من أجل المساهمة في بناء الهوية المدنية للعاصمة صنعاء، حسبما يقولون.
تأمل سماح وفريقها في إنشاء دور سينما صغيرة ومقاه “تهدف إلى إعادة إيمان المجتمع بدور الثقافة والفنون في حياتهم، وتشجيعه لها ودعم مشاركة الموهوبين من الشباب والشابات في الإنتاج الثقافي والفني“.
المصدر: بوابتي
المصدر: بوابتي
(شاهد بالصور) كيف تحدى فتيات و شباب اليمن الحرب