نشرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، تقريرا جديدا يحمل تفاصيل جديدة لأول مرة، بخصوص عملية اغتيال رئيس المجلس السياسي لمليشيات الحوثي في اليمن، صالح الصماد.
وأشارت المجلة إلى مقطع فيديو تم تداوله للغارة الجوية حيث يظهر مراقبة جوية من طائرة بدون طيار تراقب سيارة تويتا لاند كروزر زرقاء في شارع جانبي بعد ثوانٍ تم ضربها بصاروخ بلو 7 الصيني الصنع، من طائرة دون طيار تملكها دولة الإمارات العربية المتحدة.
وعندما انفجرت السيارة الأولى، ضغط سائق السيارة الثانية على الفرامل، وأسرع ومن معه نحو السيارة الأولى، ليصبحوا جميعا فى مرمى النيران، فتصدر أوامر من الضابط الذي يراقب ما تنقله طائرات دون طيار من غرفة عمليات في دولة الإمارات، عندما يبدأ الناجون بالابتعاد عن الحطام، قائلا: “اقتلهم جميعا”.
وتنقل “فورين بوليسي” بعضا من الهتافات التي دارت لحظة القصف، داخل غرفة القيادة، ففي الساعة 2:02 انطلق صاروخ ثانٍ على الناجين، وعندها انفجرت غرفة القيادة بالتصفيق، ليصيحوا: “ضربة جيدة.. لقد استهدفنا سيارة ابن الكلب هذا”.
وحسب التقرير، لا يزال التاريخ الدقيق للضربة غير واضح، فقد أعلن الحوثيون عن مقتل الصماد يوم الاثنين، وأفادت العديد من وكالات الأنباء أنه قد قُتل يوم الخميس، لكن الصماد كان في جنازة يوم السبت، معتقدة أن الضربة التي قتلته وقعت يوم الأحد، 22 أبريل.
واعتبرت المجلة تلك الضربة أول عملية اغتيال ناجحة لشخص بارز في الجماعة، لتسلط الضوء على الحزم المتزايد لدولة الإمارات في اليمن، فمنذ عام 2016، تحاول الدولة الخليجية ترسيخ نفسها كشريك رئيسي للغرب في مجال مكافحة الإرهاب في المنطقة وفي نفس الوقت دعم قدراتها العسكرية من خلال صفقات السلاح مع الصين.
ويقول فارع المسلمي، زميل مشارك في تشاتام هاوس: “إنهم (الإماراتيين) يعملون بجد بشكل لا يصدق على كونهم المقاول الجديد في المنطقة، سياسيا وعسكريا”، مضيفا: “لم يعودوا يريدون البقاء على الهامش. اليمن واحدة من المعارك التي يعتقدون أنها يمكن أن تحسن كل من مؤهلاتهم وقدراتهم”.
ولفتت المجلة إلى أن الإمارات استثمرت بكثافة في المساعدات العسكرية التي تدعمها قوات التحالف في اليمن، وشيدت وحدات أمنية مختلفة تخضع لقيادتها وأصبحت قوات “بالوكالة” حسب الأمم المتحدة.
وتقول الإمارات إنها تستخدم تلك الوحدات لمكافحة تنظيم “القاعدة” في الساحل الجنوبي لليمن، لكنها الآن تدعم طارق صالح ابن شقيق الرئيس الراحل علي عبدالله صالح الذي يقود هجوما لاستعادة ميناء الحديدة الاستراتيجي من الجماعة، بحسب التقرير.
ويقول قائد بارز لقوات التحالف البرية التي تتقدم من ميناء المخا: “في الأيام الأخيرة، كنا نراقب عن كثب تحركات قيادة الحوثيين”.
وتقول المجلة إنه “على الرغم من أن السعوديين ادعوا الفضل في الضربة، إلا أن الإمارات حصلت على المعلومات الاستخباراتية عن الهجوم من خلال موظفي طارق صالح وبينهم مخبر لدى الحوثيين ، ثم نفذت العملية”. ولم تستجب الإمارات العربية المتحدة لطلب الحصول على تعليق رسمي من “فورين بوليسي”.
وتوضح الضربة التي استهدفت الصماد أن الإمارات تختبر قدرات جديدة، ففي العام الماضي باعت الصين للإمارات طائرة دون طيار تعادل الطائرة أم كيو 9 الأمريكية.
يقول جاستين برونك، وهو زميل باحث متخصص في القوة الجوية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن: “لقد كانت الإمارات العربية المتحدة تميل إلى نشر الطائرات دون طيار (…) رأينا أنهم على استعداد لاستخدامها في مناطق حساسة سياسيا، مثل ليبيا”.
ويقول برونك إن الصماد قتل برأس حربي شديد الانفجار يتسق مع ما يسمى “AKD-10″، وهو ما يماثل صاروخ هيلفاير الأمريكي.
وتشير الصحيفة إلى أن “هذا جزء من سياسة أوسع لدولة الإمارات العربية المتحدة لتوسيع النفوذ في جميع أنحاء المنطقة، مع العديد من القواعد العسكرية على طول الساحل الجنوبي لليمن”.
وقال ضابط استخبارات في الناتو، رفض ذكر اسمه، للصحيفة إن “الإماراتيين ينفقون الكثير لتوسيع جيشهم، فقد منحت واشنطن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تفويضا مطلقا للتوسع”.
وكانت الولايات المتحدة قد رفضت في وقت سابق تصدير طائرات مسلحة دون طيار إلى الإمارات، غير أن إدارة ترامب أصدرت هذا الشهر مجموعة جديدة من السياسات، ما أدى إلى تخفيف القيود السابقة.
ومع قيام الإمارات بالفعل بتشغيل طائرات صينية دون طيار في مهمات قتالية، ومع زيادة الوجود الصيني المتزايد في جيبوتي، يمكن أن يصبح الخليج جبهة جديدة في صراع الولايات المتحدة من أجل النفوذ مع بكين، وفقا للتقرير.