كتب / محمد مصطفى العمراني*
لم نستغرب قيام ” رابطة العالم الإسلامي ” بتمويل “معهد توني بلير للتغيير العالمي” وعقد اتفاقية رسمية معه مؤخرا من أجل تقديم برنامج عالمي لتزويد 100 ألف شاب تتراوح أعمارهم بين 13 و 17 عاما في 18 دولة ليقوموا بفتح حوار أوسع لتكريس التنوع الديني بين الشباب المسلم .!
لم نستغرب من قيام هذه المنظمة بتمويل معهد مجرم الحرب على العراق توني بلير وأحد أشد أعداء الإسلام في العالم فهذه المنظمة من المنظمات التابعة لحكام السعودية والتي تعكس سياستهم وتوجهاتهم البعيدة عن آمال وطموحات وتوجهات دول العالم الإسلامي وشبابه وليس لها من مسمى ” العالم الإسلامي ” إلا الاسم فقط وهذا أولا .
ثانيا : أمين عام رابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد العيسى من أشد الشخصيات السعودية حماسة للتطبيع مع الصهاينة وإقامة علاقات واسعة مع إسرائيل والانفتاح عليها وقد دعا لذلك صراحة مرارا وتكرارا وهو في كل فعالية ومناسبة يشارك فيها حيث يدعو العلماء ويحثهم على شرعنة التطبيع مع اسرائيل تحت غطاء التسامح الديني والتعايش والسلام والانفتاح على الآخر وغيرها من المصطلحات المطاطية ، كما للعيسى سجل حافل من المواقف المتماهية مع الصهاينة وغيرهم من أعداء الأمة فمن ينسى دعمه للحملة الفرنسية لتضييق على المسلمين في فرنسا وتأييده لحرب فرنسا على الإسلام والرسوم الفرنسية المسيئة لرسول صلى الله عليه وسلم وقيام فرنسا بالتضييق على المؤسسات الإسلامية داخل فرنسا حيث أكد أن على مسلمي فرنسا الإلتزام بقوانينها وهاجم المؤسسات الإسلامية الفرنسية واتهمها بالإرهاب والتطرف ما يجعله منحازا لكل التوجهات والدعوات التي تحارب الإسلام والمسلمين .!
◾دعوات مشبوهة تستهدف الشباب المسلم
هذه الدعوات المشبوهة التي تستهدف عقول وأذهان الشباب المسلم وتهيئتها للتطبيع مع الصهاينة بدعوى التنوع الديني وكذلك شرعنة الردة عن الإسلام بدعوى حرية المعتقد والتعايش والتسامح الديني وهي ذات الدعوات التي تنادي بها “البيت الإبراهيمي” في أبو ظبي في تناغم وتنسيق مع ما تسمى بـ “رابطة العالم الإسلامي” في مكة .!
جادك الغيث يا زمان الشجب والتنديد ، زمن شجب ممارسات الصهاينة والاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين ، لقد صرنا في زمن تقوم فيه بعض ما تسمى بـ ” المنظمات الإسلامية ” بتمويل الأجندة الصهيونية في بلدان العالم الإسلامي وتنفيذها على الواقع خدمة للصهاينة فتروج للتطبيع مع الصهاينة وتفتح أبوابها لهم وتحارب أبناء فلسطين وتتهمهم بالإرهاب .!
الحقيقة أن هذه البرنامج ما هو إلا جزء من برامج أخرى تستهدف في مجملها الشباب المسلم وهويته وعقيدته وثقافته تحت لافتات ” الديانة الإبراهيمية ” و” التسامح الديني ” و ” التنوع الديني ” والتعايش والسلام وغيرها من اللافتات البراقة التي يراد منها غسيل أدمغة الشباب المسلم وتهيئتها للتطبيع مع الصهاينة وللردة عن الإسلام واعتناق النصرانية واليهودية بدعوى التسامح والتعايش والتآخي وأن الأديان أصلها واحد وأن الأخوة الإنسانية تقتضي مثل هذا التآخي مع اليهود والنصارى ودعمهم وتمويلهم وغيرها من المغالطات والأكاذيب التي يروجون لها .
إن هذه الدعوات تهدف إلى إنشاء جيل خانع من شباب المسلمين مهيأ للتطبيع مع الصهاينة وجاهز لخدمتهم ولديه استعداد لترك دينه واعتناق أي دين بدعوى ” حرية المتعد ” و” التنوع الديني ” و ” التعايش الديني ” و ” التسامح الديني” بزعم أن هذه الأديان ” ابراهيمية ” وأن التسامح يقتضي دعمها وهو نهج سلكته الإمارات مؤخرا بتوجيه من الدول الكبرى لخدمة اسرائيل في المنطقة .!
◾ ملاحقة المجرم توني بلير أم تكريمه ؟!
كان المفروض من منظمة مثل رابطة العالم الإسلامي أن تقوم بملاحقة مجرم الحرب توني بلير في المحاكم الدولية لضلوعه في الغزو الأمريكي البريطاني للعراق وهو الغزو الكارثي التي تم بدعوى ” أسلحة الدمار الشامل ” وهي الأكذوبة التي أعترف بعد ذلك مع رفيقه المجرم بوش بأنها كانت بناء على معلومات مضللة وتقارير زائفة ، وهو ما يستدعي ملاحقة بوش وبلير في المحاكم الدولية فالحرب على العراق خلفت أكثر من مليون قتيل غير الجرحى والمشردين ناهيك عن تدمير العراق وهو البلد العربي الإسلامي والذي كان من أوائل الدول المتقدمة في المنطقة وفي كافة المجالات التعليمية والطبية والصناعية والهندسية فضلا عن حضارته الضاربة بجذورها في التاريخ الإنساني .
بدلا من ملاحقة مجرم الحرب توني بلير ومحاسبته على جرائمه بحق العراق أرضا وانساناً وكذلك مؤامراته ودسائسه على دول المنطقة تقوم منظمة ” رابطة العالم الإسلامي ” بتمويل معهد توني بلير وتتخذ منه مرشداً لشباب المسلمين لتكريس ما أسمته التنوع الديني في شباب المسلمين ، فما عسى توني أن يقدم لشباب المسلمين ؟!!
توني بلير من أشد الشخصيات الغربية حقدا على الإسلام والمسلمين وفي كل مناسبة يصف الإسلام بالإرهاب والراديكالية والتخلف والتطرف ويحرض على المسلمين تحت لافتات ” محاربة الراديكالية ” و ” مواجهة الإرهاب ” وغيرها من المصطلحات المطاطية الفضفاضة وها هو قبل أيام
وفي خطاب له مع اقتراب ذكري مرور 20 عاما على هجمات 11 سبتمبر التي شهدتها الولايات المتحدة عام 2001يصف الإسلام بأنه “تهديد أمني من الدرجة الأولى” ، محذرا من أنه “سيصل إلينا، دون رادع، حتى لو تمحور بعيدًا عنا، كما حدث في 11 سبتمبر”، وذلك خلال كلمة في معهد RUSI للدراسات الأمنية والدفاعية.
وأضاف أن “الإسلام لا يؤمن فقط بالإسلاموية ، بمعني تحويل الدين إلى عقيدة سياسية ، ولكن بتبرير الكفاح ، إذا لزم الأمر، الكفاح المسلح لتحقيق ذلك”، وتابع بالقول: “بعبارات بسيطة، هذا ينص على أن هناك إيمانًا حقيقيًا واحدًا فقط، ورؤية واحدة حقيقية للعقيدة الإسلامية ، والمجتمع والسياسة والثقافة يجب أن تحكمها فقط تلك الرؤية “.
بلير وإن غلف هجومه على الإسلام بالراديكالية والإسلام السياسي وغيرها من الأكاذيب والمصطلحات المضللة فإنه في الحقيقة حاقد على الإسلام فالإسلام هو واحد فلا يوجد ” إسلام راديكالي ” ولا ” إسلام سياسي” وإنما هو دين الله الشامل برؤيته لكل شيء.
وبدلا من مواجهة حقد توني بلير على الإسلام والمسلمين ووصمه الإسلام بالإرهاب وتفنيد أكاذيبه يتم تمويل معهده وتقوم ” رابطة العالم الإسلامي ” بتقديم الدعم السخي له وهي الرابطة التي من المفترض أن تدافع عن الإسلام والمسلمين فاذا بها تمول خصوم الإسلام وتدعم من يتهمه بالإرهاب.!
◾ مجرم الحرب مرشدا لشباب المسلمين!!
كان يفترض أن تقوم هذه المنظمة بتمويل برامج للشباب وتحت اشراف مجموعة من العلماء والمبدعين والمفكرين من المسلمين لتوعية الشباب المسلم بالأخطار التي تستهدفه في عقيدته ودينه وأوطانه وحاضره ومستقبله لإكسابه الخبرات والمهارات والمعارف ولكنها بدلا من ذلك تقدم مجرم الغزو الأمريكي البريطاني للعراق توني بلير مرشدا لشباب المسلمين وهو ما يعني أن هذه المنظمة لا تمتلك أدنى استقلالية من القرار فهي مجرد أداة تابعة لحكام السعودية الذين جعلوا من السعودية مجرد دولة وظيفية تعمل على تنفيذ أجندة الدول الكبرى وتحقق أهدافها في المنطقة وتسعى لخدمتها وتوظيف شخصياتها المتقاعدة المنبوذة في بلدانها على حساب مصالح أبناء السعودية وعلى حساب استقرار دول المنطقة وهويتها وحاضرها ومستقبلها .
نحمد الله ان إسحاق رابين واسحاق شامير وأرئيل شارون وغيرهم من المجرمين الصهاينة قد ماتوا من زمان وإلا فمن يدري لو عاشوا فإن ” رابطة العالم الإسلامي ” في هذه الفترة الحالكة من تاريخها قد تتخذ منهم مرشدين وموجهين لشباب المسلمين وتدعمهم بمئات الملايين من الدولارات لتعليم شباب المسلمين ” التنوع الديني ” والتسامح الديني ” و” التعايش الديني ” وغيرها من مفردات التي يراد بها التطبيع والتمييع.!!
* كاتب يمني