غيّب الموت الكاتب والناقد المسرحي السوري القدير فرحان بلبل عن عمر يناهز الـ 88 عاماً مخلفاً وراءه إرثاً ثقافياً غنياً للمسرح السوري والعربي.
وفقدت الساحة الفنية والثقافية قامةً مسرحيةً بارزةً برحيل بلبل الذي أعلن نبأ وفاته نجله الفنان نوار بلبل عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ولد الراحل في كنف أسرة متدينة بمدينة حمص عام 1937 وعاش طفولة صعبة بعد فقدانه والده وجده في سن مبكرة، ليتربى في ميتم حمص الإسلامي تحت رعاية شقيقه الأكبر.
شقّ بلبل طريقه نحو المعرفة بشغفٍ كبير، فانتقل إلى دمشق بعد حصوله على الشهادة الثانوية ليدرس اللغة العربية ويتعمق في الأدب والتراث والفلسفة، مستكشفاً عوالم أرسطو والوجودية والماركسية، ومتابعاً بشغف الأدب الغربي والمصري المعاصر.
بعد تخرجه من الجامعة عام 1960 عمل الراحل مدرساً للغة العربية قبل أن يكرس جهده للكتابة المسرحية والنقد الأدبي، متعمقاً في فنون المسرح وتاريخه الأوروبي عبر الترجمات. اعتبر بلبل أن مسيرته المسرحية الحقيقية بدأت بمسرحية “الجدران القرمزية” عام 1969 بعد أن قدم 13 مسرحية اعتبرها بمثابة تدريب.
أسس بلبل فرقاً مسرحيةً وقدم عروضاً لاقت استحساناً واسعاً، مؤكداً أن الجمهور هو المعلم والناقد الأول. وفي عام 1973، أسس فرقة المسرح العمالي في حمص التي استمرت حتى عام 2011 كواحدة من أطول الفرق المسرحية عمراً في سوريا، حيث قدمت عروضاً في مختلف المدن ونشرت الثقافة المسرحية.
ألف الراحل 44 مسرحية نُشر منها 32، كما اهتم بمسرح الطفل وأصدر 15 كتاباً نقدياً بارزاً منها “المسرح العربي المعاصر في مواجهة الحياة”. وقام أيضاً بتبسيط كتاب “رسالة الغفران” للمعري ليكون في متناول القارئ المعاصر.
عمل بلبل أستاذاً للإلقاء المسرحي في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق بين عامي 1986 و2011، ووضع كتاب “أصول الإلقاء المسرحي”.
حظي الراحل بتكريمات عديدة تقديراً لمساهماته الكبيرة في المسرح والأدب، ليصبح علامة فارقة في تاريخ المسرح السوري والعربي.
آمن فرحان بلبل بأن المسرح هو أداة للدفاع عن قيم الإنسانية والكرامة والحق في الحياة، ومحاربة الفساد والتخلف، وهو ما تجلى في أعماله البارزة مثل “الجدران القرمزية” التي تناولت قضية اللاجئين الفلسطينيين، ومسرحية “لا تنظر من ثقب الباب”.
ترك الفقيد إرثاً ثقافياً ثرياً تجسد في كتاباته وإخراجه ونقده، مؤكداً على حرية الإنسان وإبداعه.