وعن ألوان تلك الخصوصية في المعاناة يتحدث أحمد عبدالرحمن الوجيه، أحد أهالي جبل صبر ممن صادفتهم في معبر الدحي المغلق غرب مدينة تعز في وجهه، والكثيرين في ذلك النهار المخيف قائلاً لصحيفة «الخليج»: اتصل بي زبون بالحوبان يريد أن أدهن له شقة، وقد طرت من الفرح بعد 3 أشهر بلا عمل. ومن قبل الحرب والحصار كانت نزلتي من القرية إلى الحوبان لا تكلفنا أكثر من 300 ريال، أما في هذا الحصار فلا بد من الخروج من تعز من الدحي والالتفاف على كامل مناطق المدينة لأصل الحوبان شرقاً ولهذا استدنت 3 آلاف ريال من
تركت عبدالرحمن وتوجهت لأحد متاريس حبيل سلمان لألتقي أحد أفراد المقاومة التاركين أسرهم في عزلة سيعة بمديرية صبر الموادم، الأخ ذاكر أحمد الذي كان سائقاً لسيارة أجرة ثم حمل البندقية.. سألته عن حجم المعونات الإغاثية الموزعة في جبل صبر فأجاب مستغرباً ل«الخليج» عن أي إغاثات تسأليني؟ طوال فترة الحرب وحتى اليوم لم توزع لعزلتنا سيعة في جبل صبر على سبيل المثال سوى لأفقر الأسر معدودة بالأصابع، نحن منسيون في رأس الجبل تماماً.
غادرنا متراس ذاكر ووادي الدحي برمته بعد أن نقلنا جزءاً يسير من معاناة المقاومين من جبل صبر وأهاليه المحاصرين والنازحين، لا سيما من عُزل (سيعة والجرن والمعقاب) الذين يتعجبون تجاهلهم من الإغاثات التي توزع لأحياء مدينة تعز مرة ومرتين في الشهر.
والأغرب من أن أهالي تلك العزل وغيرها من عزل مديرية صبر الموادم أنهم وجدوا أنفسهم ملتزمون بتسيير قافلة طعام يومياً لجبهات الشقب خاصة موقع العروس الاستراتيجي وبقية جبهات جبل صبر عامة الذي لو استعادته ميليشيات الحوثي وصالح لسقط موقع العروس ومعه جبل صبر ومن بعدها مدينة تعز.
ليس هذا فحسب، فحتى عيون الماء التي كان الأهالي يعتمدون عليها في الشتاء للشرب والري جادت معظمها منذ بداية الحصار لتعزيز مشاريع السقيا الخيرية لأحياء مدينة تعز المحاصرة بحسب الحاج عبدالرحمن عبدالله. فهل يا ترى يلتفت المعنيون لآلاف الأسر المحاصرة والنازحة في جبل صبر الذي صار شريان الحياة الأبرز لمدينة تعز؟ وليستمر الجبل في الذود والبذل، فما يزال أبناؤه يدفعون الثمن غالياً فقتلاه وجرحاه يتساقطون يومياً في جبهاته الملتهبة دونما رعاية تستحق الذكر.
ويوضح القيادي في المقاومة الشعبية في جبل العروس صادق بكرين ل«الخليج» ان في صبر 6 آلاف عائل أسرة فقدوا أعمالهم و347 حالة مصابة بأمراض مزمنة بلا علاج، وجميع المراكز الصحية في المديرية من دون أدوية، و630 أسرة نازحة في المديرية من دون مساعدات، و3 آلاف أسرة مهددة بأزمة مياه، والجرحى من أبناء المديرية من دون رعاية. مع ازدياد صعوبة الأوضاع الإنسانية في جبل صبر المملوءة بالآلام والمعاناة ومع ذلك يبقى السؤال المطروح: صبر ستقاوم إلى متى؟