يعتقد الكثير من الخبراء في الشأن اليمني ان القرارات المفاجئة التي اتخذها الرئيس عبد ربه منصور هادي بتعيين الفريق ركن علي محسن الاحمر نائبا للرئيس، والسيد احمد عبيد بن ذعر رئيسا للوزراء، خلفا للسيد خالد بحاح تمهد لتولي الاول، اي الفريق الاحمر، رئاسة الجمهورية في الفترة المقبلة، والثاني لزعامة حزب “المؤتمر”.
هذه القرارات المفاجئة التي صدرت يوم امس ربما تحدث هزات ضخمة ليس في الملف اليمني وتطوراته على الصعيدين السياسي والدبلوماسي فقط، وانما ايضا على صعيد التحالف العربي العسكري الذي تتزعمه السعودية وتماسكه، بل ربما استمراره.
من غير المستبعد ان تكون عملية الاطاحة بالسيد خالد بحاح الذي كان مرشحا قويا كبديل للرئيس هادي لم تأت بسبب “تعثر الاداء الحكومي في تخفيف معاناة ابناء الشعب اليمني”، مثلما جاء في بيان الاقالة، وانما بسبب التنافر الكبير بين الرئيس هادي ونائبه، وفشل المحاولات السعودية للتقريب بينهما، ولجوء السيد بحاح الى دولة الامارات العربية المتحدة كقوة دعم، ونقل عائلته اليها.
تعين كل من الفريق الاحمر والسيد بن دغر في المنصبين الثاني والثالث في هيكلية مؤسسة الحكم في الدولة اليمنية، خطوة اتخذت بعد دراسة معمقة، ولمواجهة صعود شعبية الرئيس اليمني علي عبد الله صالح التي انعكست في مشاركة مئات الآلاف (البعض يقول مليون ونصف المليون) من اليمنيين في المظاهرة التي دعا اليها في ميدان السبعين في قلب صنعاء، في الذكرى السنوية الاولى لـ”عاصفة الحزم” السعودية، وظهوره في المنصة الرئيسية، والقائه كلمه عفوية مباشرة في الجموع، هاجم فيها السعودية بشراسة.
الرجلان، اي الاحمر وبن دغر هما اكبر عدوين لدودين للرئيس علي عبد الله صالح، فالاول كان ذراعه اليمين العسكري لسنوات، والقائد الذي خاض حرب القضاء على الانفصال عام 1994، اما الثاني فقد تولى منصب الرجل الثاني في حزب المؤتمر الذي يتزعمه الرئيس صالح لسنوات، كما انه ينتمي الى الجنوب اليمني.
مهمة الفريق الاحمر المقبلة ستتمثل في قيادة القوات اليمنية الموالية للرئيس هادي، ومحاولة لكسب ولاء بعض عشائر وافخاذ قبيلة حاشد، التي تعتبر واحدة من اكبر قبائل اليمن، وعلاوة على تكريس تحالف الرئيس هادي وداعميه في الرياض مع حركة الاصلاح الاسلامية الاخوانية، وقبائل وعشائر اخرى.
اما مهمة رئيس الوزراء الجديد السيد بن دغر فستركز على كيفية شق حزب “المؤتمر”، او بالاحرى، زعزعة قاعدته الشعبية، ومحاولة جذب اكبر عدد من اعضائه، من خلال ايصال رسالة لهم بأن دورهم وحزبهم في الحكم الجديد ما زال مضمونا شريطة الابتعاد عن الرئيس صالح، وستكون هذه المهمة مدعومة بميزانية ضخمة، وعروض مغرية بالوظائف والتعيينات في مناصب عليا ومتوسطة.
وما يعزز هذا الاعتقاد، اي التركيز على استهداف الرئيس السابق صالح، ومحاولة اضعافه وشق صفوف حزبه وقاعدته الحزبية والعسكرية، ان الخطة السعودية في زرع بذور الشقاق بينه وبين حلفائه الحوثيين بدأت تعطي ثمارها هدنة على الحدود اليمنية السعودية، وتفاهمات سياسية اخرى، وكان لافتا ان الامير محمد بن سلمان ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي، الذي يقف وراء “عاصفة الحزم”، ويمسك بالملف اليمني، اكد في حديثه الى وكالة بلومبيرغ الامريكية ان هناك وفدا حوثيا موجودا في الرياض حاليا، وان الحرب في اليمن او شكت على الانتهاء.
وجود وفد حوثي في الرياض يشكل انجازا كبيرا للاستراتيجية السعودية التي تقوم على اساس شق التحالف “الحوثي الصالحي”، ولكن يظل من الصعب القول بأن هذا “ألشق”، تذت حدث فعلا، سيكون نهائيا، وسيصمد لفترة طويلة، بالنظر الى طبيعة التحالفات ومتغيراتها على الساحة اليمنية، ولكنه “انجاز″ سعودي كبير دون ادنى شك.