بأي وجه سيستمر الحوثيون؟

- ‎فيتقارير

اتجه الحوثيون إلى المسار السياسي، كمنعطف إجباري، في محاولة للبحث عن فرصة متاحة لتجنب تداعيات هزيمة وشيكة عززها استكمال الجيش الوطني والمقاومة تنفيذ محاور خطة عسكرية لتطويق صنعاء وفرض خيار الحسم العسكري.
وحشد الحوثيون كل إمكاناتهم وقدرات الدولة العميقة التي سخرها لهم الرئيس المخلوع ليخوضوا حروباً متعددة ومتزامنة، حولت اليمن إلى خريطة مشتعلة بالخراب والدماء والعنف، لينتهي بهم المطاف إلى البحث عن تسوية سياسية تضمن لهم البقاء كمكون سياسي في المعادلة السياسية القادمة.
واعتبر الكاتب الساخر محمود ياسين أن «الحوثيين حاربوا السعودية منفردين وبوصفهم جماعة وذهبوا للسلام منفردين وبوصفهم ميليشيا أذعنت آخر المطاف»، مشيراً إلى أنهم «تركوا لليمنيين إرثاً من الزوامل التي أحيت تراث الإيقاع القتالي وستبقى بوصفها شكلاً من فن أحيته جماعة ضمن ما أحيته من أمراض، وأنه سينتهي بهم الأمر للوجود كجماعة محاربة، تحاول أن تتسيس، وسيكونون يوماً الحزب الذي سيخوض انتخابات بأكبر عدد من المقاتلين، والزوامل والضغائن التي قد تشفيها الأيام».
من جهته، اعتبر الأكاديمي عبد الرحمن علي المقرمي أن مساعي الحوثيين وطموحاتهم للتحول إلى حزب، من تسوية سياسية تضمن لهم البقاء في المعادلة القادمة، ستصطدم بفداحة التداعيات الإنسانية والنفسية والاجتماعية التي أفرزتها بقسوة حروبهم المتعددة في جبهات القتال التي افتعلوها في معظم المحافظات.
وأشار إلى أن «الحوثيين أحدثت جرحاً نازفاً في النسيج الاجتماعي اليمني»، معتبراً «أن جماعة الحوثي ستدفع تكلفة باهظة كونها تعمدت نشر ثقافة الكراهية، وهو ما سيرتد عليها كجزء من تداعيات حالة الاحتقان الشعبي الذي أثارته حروبها العبثية».
ويعتبر الناشط عبد التواب أحمد عثمان اليوسفي أن انخراط الحوثيين في الحياة السياسية عبر بوابة التسوية المرتقبة للأزمة يستدعي بالضرورة إحداث تغيير حقيقي في توجهات هذه الجماعة التي تتبني فكراً عقائدياً متطرفاً اقترن الترويج له ونشره في ثقافتها بلغة القوة والسلاح.
وأشار إلى أن «الحوثيين كجماعة في وضعها الراهن غير مؤهلة للتحول إلى حزب سياسي لاعتبارات تتعلق بهيمنة العقيدة القتالية على توجهاتها»، معتبراً «أن الانقلاب المسلح الذي قامت به بدعم من المخلوع على الشرعية الدستورية واستيلائها بقوة السلاح على مؤسسات الدولة وأسلحة الجيش، لم يكن نتاجاً لتحالف طارئ فرضته مصالح الجانبين ولكنه مثل مساراً متسقاً مع تطلعات الجماعة في الاستحواذ والسيطرة».
ونوه اليوسفي بالسجل القاتم من الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها جماعة الحوثي في حق الكثير من المدنيين والناشطين، مؤكداً أهمية أن تكون هناك عدالة انتقالية لمحاسبة مرتبكيها، وأن التسوية السياسية قد تضمن للحوثيين حضوراً في المعادلة السياسية القادمة، لكنها لن تبدد الشعور العام بالكراهية، الذي اصبح سائداً في معظم المحافظات اليمنية المتضررة من جرائم الحوثيين.