اليمن: مليشيات الحوثيين سجل إجرامي حافل بفضائح انتهاكات حقوق الإنسان

- ‎فيتقارير
عدد كبير من الجرحى تكدسوا في المستشفيات التي تعاني من نقص في العلاج والأطباء

مع استمرار الحرب الدائرة باليمن واستمرار الأزمة اليمنية التي فجرتها مليشيات الحوثيين وصالح تتكشف يوما بعد يوم الجرائم البشعة التي ترتكبها هذه المليشيات بحق المواطنين اليمنيين الأبرياء العزل من دون تمييز.

فبعد أكثر من عام على انقلاب المليشيات الحوثية على الشرعية اليمنية يبدو أن ملف حقوق الإنسان بات من أكثر الملفات تعقيداً والتي تدعو إلى القلق، من حيث استمرار الحوثيين ومليشيا الرئيس المخلوع صالح بانتهاكاتهم الصارخة والفاضحة لحقوق الإنسان بشكل بات من الصعوبة بإمكان السكوت عنه وتجاهله لهول المأساة الإنسانية.

وترصد تقارير كثيرة قدمتها منظمات حقوق الإنسان حجم هذه الانتهاكات اللإنسانية، وتشير هذه المنظمات الحقوقية إلى أن عام 2014 يعتبر بداية للنكوص عن مسيرة حقوق الإنسان في البلاد، وعلى الرغم من أن الانتهاكات قد تزايدت بشكل ملحوظ بعد انقلاب الحوثيين المدعوم بقوى خارجية، إلا أن المنظمات الحقوقية ترجع تاريخ انتهاكات حقوق الإنسان أيضا إلى عام 2012 حيث أخفقت الحكومة الانتقالية الهشّة التي أعقبت الرئيس علي عبدالله صالح في عام 2012 إبان احتجاجات شعبية في التصدي لتحديات حقوق الإنسان العديدة.

ومن هذه التقارير الهامة فريق الرصد التابع للتحالف العربي، الذي رصد الكثير من حالات انتهاك حقوق الإنسان.

ويأتي هذه التقرير ليرصد ويوثق الجرائم البشعة التي يقوم بها الحوثيون ومليشيات صالح وخاصة خلال الفترة من الحادي والعشرين من سبتمبر عام 2014 حتى 15 أغسطس عام 2015.

واستند أعضاء هذا الفريق إلى بيانات دقيقة ومحايدة تم جمعها خلال عملية رصد وتوثيق منهجية لانتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، علماً بأن هذا التقرير لا يغطي كافة انتهاكات حقوق الإنسان من حيث الزمان والمكان بسبب ظروف الحرب الدائرة في هذا البلد المنكوب، كما يأتي هذا التقرير في مرحلة مهمة من تاريخ اليمن حيث يوثق لجرائم وانتهاكات غير مسبوقة لحقوق الإنسان على كافة الأصعدة منذ استيلاء مليشيات الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر من العام الماضي.

ويورد التقرير الكثير من التفاصيل الصادمة حول ممارسات الحوثيين منها بعض الحوادث التي وثقت مع تواريخها مثل الإجهاز على الجرحى، وفي هذا السياق تم توثق ثلاث حالات قتل جنود جرحى بعد أسرهم من قبل المليشيات الحوثية داخل مستشفى حكومي في صنعاء، فضلاً عن اختطاف عدد آخر من منازلهم بعد خروجهم وتماثلهم للشفاء.

وفي محافظة عدن وثق التقرير من 21 مارس وحتى منتصف أغسطس من العام الماضي مقتل 1270 مدنياً بحسب مكتب الصحة بالمحافظة كما بلغ عدد الجرحى بالآلاف أيضاً.

جرائم بالجملة

وتوقف التقرير عند الهجوم على حي المنصورة في الثلاثين من يونيو من العام الماضي بواسطة سكاتيوشا أوقع أكثر من أربعين بين قتيل وجريح معظمهم من المدنيين، أما في محافظة تعز فأكد التقرير انه منذ بداية المواجهات بين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع صالح من جهة والجيش الوطني من جهة أخرى بلغ عدد القتلى في صفوف المدنيين أكثر من 300 شخص.

وتوقف التقرير أيضا عند محافظة ذمار حيث أشار إلى أن مليشيات الحوثيين وصالح نصبت على قمة جبل هران مدافع واستخدمت الحدائق كمخازن أسلحة وأقامت سجنا غير نظاميا في المدينة، وبحسب شهود عيان تعرضت هذه المواقع للقصف مما أدى إلى استعمال المدنيين كدروع بشرية، وفي محافظة لحج يلفت النظر إلى مقتل أكثر من مئة وسبعين من المدنيين ونحو مائتي جريح معظمهم من الأطفال والنساء، أما في محافظة إبين فيشير التقرير إلى مقتل نحو مئة شخص برصاص الحوثيين، ناهيك عن المخالفات والانتهاكات التي رصدها التقرير في المحافظات اليمنية الأخرى.

الإخفاء القسري والاختطاف

ويتوقف التقرير أيضا عند جريمة أخرى وهي الإخفاء القسري والاختطاف ليشير إلى أن مليشيات الحوثيين، احتجزت تعسفيا آلاف الأشخاص خلال الفترة الممتدة من سبتمبر 2014 إلى يوليو 2015.

ويتناول التقرير المخصص لقضية اليمن الظروف الصعبة وغير الإنسانية التي يوضع فيها المختطفون أو الأسرى، مبينا أن مئات عمليات الاختطاف غالباً ما كانت تتم داخل شوارع وإحياء العاصمة أو على مداخل المدن مستشهداً بعدد من النماذج الحية في هذا المجال، مشيراً إلى أن العاصمة اليمنية صنعاء تصدرت المدن التي شهدت حوادث الاختطاف والإخفاء القسري.

ويلفت التقرير النظر هنا إلى أن الحوثيين لم يتورعوا حتى عن اختطاف ذوي الاحتياجات الخاصة أيضاً، كما يتوقف بإسهاب عند اختطاف الأطفال والمعاملة السيئة التي يتلقاها هؤلاء على أيدي المختطفين.

وأيضاً عمليات الاختطاف الكثيرة التي طالت الإعلاميين في اليمن، حيث يعرض إلى اختطاف احد الإعلاميين وهو حسين العيسى الذي نجا من الموت بأعجوبة.

كما يتناول التقرير المذكور عمليات التعذيب التي تلجأ إليها مليشيات الحوثيين وصالح والتي أدى بعضها إلى الوفاة، ولو عدنا قليلاً إلى الوراء لوجدنا أن انتهاكات حقوق الإنسان من قبل الحوثيين وصالح ليست حديثة العهد، ففي عام 2012 منح البرلمان اليمني الرئيس صالح ومساعديه حصانة من الملاحقة القضائية، ولم يتسن بعد للرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي آليات لكفالة المحاسبة على انتهاكات الماضي، إلا أن الانتهاكات للأسف استمرت بشكل كبير بهذا البلد.

استخدام الألغام

المليشيات الحوثية وصالح تجاوزت كل الأعراف الدولية وفي مايو 2013 وثقت هيومن رايتس ووتش استخدام الألغام المضادة للأفراد، في منطقة تقع شمال شرقي صنعاء، وفي عام 2011 تسببت الألغام بحالة وفاة واحدة على الأقل و14 إصابة لحقت بمدنيين بينهم 9 أطفال.

علما بان اليمن دولة طرف في معاهدة حظر الألغام، وفي اجتماع المعاهدة في جنيف في مايو جدد اليمن التزامه بالمعاهدة ووعد بالتحقيق في هذه الادعاءات، وتعهد بالتصدي للمشكلة من خلال نزع الألغام ومساعدة الضحايا.

استهداف العاملين في قطاع الصحة

يكافح العاملون بمجال الصحة والمنشآت الصحية لحماية أنفسهم من الجماعات المسلحة، وأفادت “أطباء بلا حدود” بوقوع 18 هجوماً مختلفاً على العاملين بالمجموعة في عمران خلال العام الماضي، واشتملت الهجمات على إطلاق النار وتهديدات واعتداءات بدنية على العاملين بالمجال الصحي.

الأطفال والنزاع المسلح

وثقت هيومن رايتس ووتش حالات كثيرة لاختراق القوانين الدولية، حيث أشارت لمشاركة أطفال في القتال مع الفرقة الأولى مدرع ومع الحرس الجمهوري، في يونيو 2012 أفادت اليونيسف اليمن بعدة حالات لتجنيد أطفال في صفوف القوات المسلحة اليمنية وفي صفوف جماعة أنصار الشريعة المسلحة، وهي من الجماعات التابعة للقاعدة في شبه الجزيرة العربية. في سبتمبر أعلن مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالأطفال أن الحكومة وافقت على خطة عمل لإنهاء تجنيد واستخدام الأطفال في الحرب

ويشير وزير حقوق الإنسان اليمني عزالدين الأصبحي إلى إن انتهاكات الحوثيين تشمل جميع أنواع الجرائم التي طالت أيضاً البنى التحتية الأساسية، مشيراً على وجه الخصوص إلى أن المدنيين هم الأكثر تضرراً.

وأوضح أن التقرير الذي تم تقديمه لمجلس حقوق الإنسان في جنيف يتضمن مختلف الانتهاكات التي قامت بها المليشيات الحوثية في اليمن، كالقتل والاعتقال والتهجير وغيرها. وأشار إلى أن قضية تعز هي الأبرز من حيث الجرائم ضد الإنسانية التي تقوم بها مليشيات الحوثي.

وقال إن مرتكبي هذه الجرائم سيتابعون قضائياً على المستوى الدولي، مشدداً على ضرورة بناء وتعزيز القضاء اليمني ليقوم بدوره في محاسبة ومتابعة المجرمين.

ونظمت الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان مؤخراً ندوة حول “انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم حرب الحوثيين في اليمن” بمقر نادي الصحافة السويسري بجنيف على هامش أعمال الدورة ال 31 لأعمال مجلس حقوق الإنسان.

وتناول المتحدثون في الندوة حجم وفظاعة الانتهاكات والجرائم التي قامت وتقوم بها ميليشيات الحوثي وصالح باليمن مطالبين بضرورة ملاحقة المجتمع الدولي لمجرمي الحرب وعدم منحهم أية فرصة للإفلات من العقاب أو تكريس سياساتهم الإجرامية باليمن والعمل بقوة على تقديمهم للعدالة الدولية مؤكدين على أهمية تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته الدولية المتعلقة بتوفير الحماية للمواطن اليمني خلال فترة الصراعات والنزاعات العسكرية القائمة هناك.

وأوضح المشاركون أنه منذ بداية الصراع المسلح في اليمن والذي بدأته ميلشيات الحوثي – صالح وسعيهم للسيطرة على السلطة بقوة السلاح خلال الفترة من 1 ديسمبر 2014 إلى 31 ديسمبر 2015 رصد التحالف اليمني لانتهاكات حقوق الإنسان معظم تلك الانتهاكات عبر فريق ميداني وأن ما تم توثيقه من انتهاكات طالت المدنيين خلال الفترة من 15 مارس 2015 وحتى فبراير 2016 بلغت 43195 حالة انتهاك ضد المدنيين.

وكشف عن مقتل 1123 مدنياً بينهم 217 طفلاً و122 من الإناث و784 من الذكور فيما بلغ عدد الجرحى 7230 مدنياً بينهم 1710 أطفال و1091 من الإناث و4430 من الذكور وبلغ عدد حالات الاختطاف 112 حالة.

ناهيك عن تعرض الأحياء السكنية في محافظة تعز للقصف العشوائي بشكل يومي حيث تعرضت للقصف 484 مرة سقطت خلالها أكثر من 2231 قذيفة سقط على إثرها العديد من القتلى والجرحى بينهم نساء وأطفال.

وتطرق المشاركون في الندوة أيضاً إلى الجرائم المتعلقة بالنزوح والنازحين اليمنيين مع رصد لواقعة القذف المدفعي بالدبابات والأسلحة الثقيلة والمتوسطة صوب كتل بشرية مما أدى إلى حدوث مجزرة بشرية في مدينة عدن- مديرية التواهي صباح يوم الأربعاء السادس من مايو عام 2015.

وطالب المشاركون المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الدولية في حماية الشعب اليمني وخاصة المرأة والطفل ضد الانتهاكات الإنسانية والجرائم التي يتعرضون لها والمتمثلة في القتل العمد والاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي ومنع الخدمات الصحية والتعليمية والأساسية والعمل على دعم وتعزيز عملية التحالف العربي الهادفة إلى حماية الشعب اليمني لاسيما مجلس الأمن الدولي الذي هو مطالب اليوم بتحمل مسؤولياته في حماية السلم العالمي والذي يستدعي منه العمل لتنفيذ قراراته الخاصة باليمن على وجه السرعة لتأمين الحماية والأمن والسلم للشعب اليمني الذي تمثل المرأة والطفل فيه أغلبية سواء في التعداد أو فيما يعانونه من انتهاكات وجرائم حرب.

وذكر المشاركون بحالات الانتهاكات الصحافية في اليمن خلال عام 2015 والبالغ عددها 319 حالة انتهاك تورطت فيها 11 جهة بنسب متفاوتة، ومع أن جرائم الحوثيين وصالح شملت معظم الأراضي اليمنية إلا أن مدينة تعز تمثل العنوان الأوضح لهذه الجرائم حيث فرضت الميليشيات الحوثية سيطرتها على المداخل والقطاعات الخدمية الضرورية، مخلفة دماراً شاملاً طال كل شيء على الرقعة الجغرافية للمدينة.

لقد سرق الحوثيون المساعدات الإنسانية ودمروا المستشفيات وعرضوا حياة المدنيين للخطر، والخطوات الصعبة والحذرة، التي قامت بها القوات الشرعية مسنودة بقوات التحالف العربي لتحرير مدينة تعز من جور ميليشيات الحوثيين والمخلوع صالح، كشفت في الواقع ما كان مستتراً من معاناة أهلها وسكانها، بعد أن سجلت المدينة أكبر عدد من القتلى والجرحى من المدنيين واحتجاز الأبرياء بلا ذنب، فضلاً عن حالات الاختفاء القسري والخطف.

وبالتأكيد ورغم معاناتها إلا أن تعز تبقى واحدة من المدن الكثيرة التي عانت من هذه الفئة الضالة التي ارتهنت للأجنبي وحاولت تنفيذ أجندات خارجية بعيدة كل البعد عن المصلحة الوطنية اليمنية والأمن القومي العربي بشكل عام.

الحوثيون استخدموا المدنيين كدروع بشرية ضد أي هجوم
الحوثيون استخدموا المدنيين كدروع بشرية ضد أي هجوم
الأطفال هم أكثر المتضررين من الأعمال الوحشية
الأطفال هم أكثر المتضررين من الأعمال الوحشية
أحد المدنيين المصابين جراء الاشتباكات ينتظر نقله للعلاج
أحد المدنيين المصابين جراء الاشتباكات ينتظر نقله للعلاج
هدم المدارس والمستشفيات والبنى التحتية هو الهدف الأساسي للحوثيين
هدم المدارس والمستشفيات والبنى التحتية هو الهدف الأساسي للحوثيين