استؤنفت، أمس، مشاورات السلام اليمنية – اليمنية في دولة الكويت برعاية أممية، بعد أن توقفت الثلاثاء الماضي، عقب تعليق وفد الحكومة اليمنية مشاركته. وقالت مصادر مطلعة في المشاورات لـ«الشرق الأوسط» إن حالة من الفتور سادت الجلسة المباشرة، التي عقدت بحضور المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وإن ذلك الفتور المصاحب لاستئناف النقاشات، أدى بالمبعوث الأممي إلى رفع الجلسة بعد مرور نحو 45 دقيقة، واللجوء إلى الاجتماعات الثنائية التي طغت على أعمال المشاورات منذ انطلاقها في الـ21 من الشهر الماضي.
وقال نائب رئيس الوزراء اليمني، وزير الخارجية، رئيس وفد الحكومة، عبد الملك المخلافي في كلمة في جلسة استئناف المشاورات، أمس، إن الوفد عاد إلى المشاورات «مرة أخرى رغم كل ما حدث، بنية حسنة وبرغبة في السلام ولكن أيضا بتأكيد واضح على المرجعيات وعلى ما تم الاتفاق عليه حتى الآن».
وأضاف: «نأمل أن تكون مناقشاتنا هذه المرة مختلفة، بالكويت فرصة لليمنيين من أجل السلام والآن هي فرصة أخيرة لنا جميعا لنثبِت أننا جئنا فعلا من أجل السلام وأننا راغبون في السلام وأننا سنقدم كل ما يمكن تقديمه من مرونة وحتى تنازلات في سبيل شعبنا وفي سبيل السلام، ونأمل بأن يكون لدى الطرف الآخر نفس الرغبة ونفس الاستعداد وألا يعيدنا إلى الدوامة التي كنّا فيها والتي أضعنا فيها ما يقارب الخمسة أسابيع دون تقدم ونحن الآن في نهاية الأسبوع السادس».
وبحسب مصادر في المشاورات لـ«الشرق الأوسط»، فقد طلب المبعوث الأممي لقاء 4 من أعضاء الوفد الحكومية ممن يشاركون في اللجان الخاصة بالقضايا الأربع الأساسية «السياسية والعسكرية والأمنية وعودة الحكومة ووقف إطلاق النار وإجراءات بناء الثقة».
المصادر ذاتها قالت إن وفد الحكومة أكد، على «تصوره المقدم في الإطار العام، وهو البداية عبر إجراءات بناء الثقة التي تتضمن تثبيتا كاملا لوقف إطلاق النار وإطلاق كافة المعتقلين وفتح الممرات الآمنة ثم تشكيل لجنة عسكرية أمنية يتفق على معايير اختيارها، تشكل من قبل رئيس لجمهورية وتكون مهامها هي تلك المهام التي أوردها المبعوث في رسالته، وهي تسليم الأسلحة والإشراف على الانسحابات من المدن وتثبيت الأمن ومن ثم عودة الحكومة بعد تسليم الأسلحة والانسحابات لتبدأ بعدها الحديث عن استئناف العملية السياسية»، وأشارت المصادر إلى جهود حثيثة لولد الشيخ ودول الخليج لكسر الجمود المحيط بالمشاورات الذي يهدد بفشلها.
وعلق مصدر حكومي يمني على مجريات الأوضاع في اليوم الأول لاستئناف المشاورات، وقال إنه لا يتوقع أن تشهد المشاورات أي انفراج «ما لم يتخذ المجتمع الدولي موقفا أشد حزما مع الانقلابيين من أجل تطبيق قرار مجلس الأمن 2216. وهذا ما لا يتوفر، حاليا»، بحسب تعبيره.
وأضاف المصدر أن «كل المؤشرات تقول إن وفد الانقلاب جاء إلى المحادثات لهدفين، الأول محاولة الالتفاف على قرار مجلس الأمن الدولي وإفراغه من محتواه.، والثاني. شرعنة الانقلاب من خلال طلب شراكه في الحكومة وإلغاء شرعية الرئيس هادي»، وأكد المصدر أن وفد الانقلابيين «عاد الاثنين إلى الحديث عن تسوية سياسية ومرحلة انتقالية، بعيدا عن تسليم السلاح أو الانسحاب من المدن». وأن الوفد «يصر على التمسك بالسلاح ويبحث عن عملية تقاسم للسلطة بعيد عن أي مرجعيات، بل إنه عاد اليوم وطالب بوقف تحليق الطيران في أجواء اليمن»، وأردف أنه «ورغم المساعي الأممي والإقليمية لإنعاش المشاورات، فإنها تعاني ما يشبه الموت السريري».
وكان وفد الحكومة اليمنية إلى مشاورات الكويت أنهى تعليقه لمشاركته في المشاورات بناء على توجيهات من الرئيس عبد ربه منصور هادي بعد وساطة وتدخل من قبل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وأمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، حيث أعلن عن ضمانات قدمت لوفد الحكومة بخصوص مرجعيات المشاورات وهي القرار الأممي 2216، ومخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وغيرها من المرجعيات التي تنكر لها وفد الحوثيين، الأسبوع الماضي.
إلى ذلك، قال مصدر عسكري يمني رفيع لـ«الشرق الأوسط» إنه ورغم هدنة وقف إطلاق النار، التي بدأ سريانها في الـ10 من أبريل (نيسان) الماضي، ورغم محاولات المجتمع الدولي والإقليمي لإنهاء الحرب في اليمن والتوصل إلى تسوية سياسية عبر تطبيق قرارات مجلس الأمن بصورة سلمية، إلا أن الميليشيات الحوثية ما زالت ترتكب خروقات «خطيرة وجسيمة، لعل أهمها استمرار حصار ما يربو عن مليون نسمة في محافظه تعز ومنع الغذاء والدواء وجميع مستلزمات الحياة من الدخول إليهم»، إضافة إلى «القصف المدفعي والصاروخي وبشكل يومي وبطريقة عشوائية على المدنيين من أبناء هذه المحافظة»، مشيرا إلى أن ضمن الخروقات الجسمية «اجتياح معسكر العمالقة واقتياد قادته مؤخرا إلى جهة مجهولة، بالإضافة إلى استمرار حمله الاعتقالات التعسفية للمواطنين الذين يخالفون توجه الميليشيات في حربها على الشعب اليمني، أيضا، الهجوم المتكرر على المقاومة والجيش الوطني في نهم والجوف والبيضاء والضالع وتعز».
وذكر القائد العسكري اليمني، الذي رفض الكشف عن هويته، بأن الأمم المتحدة «لا تقوم حتى اللحظة برصد ما يرفع إليها من خروقات الميليشيات للهدنة»، وحول عدم تطبيق التهدئة في محافظة تعز، قال إن ذلك «يرجع إلى شعور الميليشيات بأن معركة تعز هي الفاصلة ومن ثم فإن أي حلحلة لموضوع تعز يعني عمليا انتهاء المعارك في الجمهورية ومن ثم يفقد الانقلابيون أهم ورقه بأيديهم، إضافة إلى أن هناك حسابات خاصة لصالح والحوثي ضد هذه المحافظة التي أسقطت الإمامة في الماضي وعلي صالح في ثوره 11 فبراير».
وأعرب المسؤول العسكري اليمني عن اعتقاده بأن الوسطاء الأمميين «لم يتعاطوا مع الملف العسكري والأمني بشكل جيد، ربما لقلة خبرتهم بالواقع اليمني أو ربما لضغوط تمارس عليهم لا نعلمها»، مشيرا إلى أن الميليشيات نهبت كميات كبيرة من الأسلحة لا يمكن لأحد تخيلها، «لكننا كدولة لدينا القدرة على تحديد تلك الكميات»، مبينا أن المشكلة لا تكمن في السلاح المنهوب من الدولة و«ولكنها تكمن في السلاح الإيراني الذي تم تهريبه إلى اليمن، الفترة الماضية، فهو يحتاج إلى جهد كبير لمعرفة نوعيته وأماكن تخزينه».
وقال المسؤول العسكري إن الميليشيات واصلت، الأسابيع المنصرمة، محاولاتها لـ«السيطرة على المناطق المحررة، ولكن بسبب يقظة المقاومة والجيش الوطني لم يتسن لهم السيطرة على أي موقع خلال فتره الهدنة التي التزم بها طيران التحالف والجيش والمقاومة».