ولد يحيى محمد الشامي بقرية المسقاة مديرية السدة عام 1946م، وهو ابن الأخ الشقيق للقاضي أحمد محمد الشامي أمين عام حزب الحق ورئيس المجلس الأعلى لحكماء آل البيت باليمن السابق. التحق الشامي بالسلك العسكري عام 1963م كطالب في الكلية الحربية وتخرج منها عام 1965م ضابطاً في سلاح المدرعات. ثم تدرج في المناصب القيادية حتى تسلم قيادة المحور الجنوبي وقيادة اللواء الثاني مدرع حتى نهاية عام 1984م، وليس صحيحا أنه كان من أبطال حرب المناطق الوسطى كما يروج، بل ارتبط اسمه بجرائم مروعة كان يرتكبها ضد المقاتلين في الجبهة، حيث اتهم باستدراج بعض المقاتلين الأبطال من (المتطوعين) والتواطؤ على قتلهم وإخفاء جثثهم، بل اتهم بدفنهم في مدافن خاصة داخل اللواء، وشكلت لجنة للتحقيق في الأمر من قبل رئيس الجمهورية حينها وكان في عضويتها كل من اللواء عبد الواجد الربيعي واللواء ناجي الرويشان، ولكن انتهت حروب المناطق الوسطى قبل أن تستكمل اللجنة تحقيقاتها وتم دفن القضية كما تم دفن جثث الضحايا من قبل ولا زالت القضية تشكل واحدة من جرائم الحرب التي يمكن تحريكها من جديد ضد اللواء الشامي .
في أواخر عام 1984م وبينما كان اللواء يحيى المتوكل سفيراً في باريس استدعاه المؤسس الأستاذ أحمد الشامي على وجه السرعة لاجتماع عاجل وطارئ في بريطانيا حيث مقر إقامة الشامي ناقشا فيه نجاح السلفيين في إنشاء معهد الحديث (دار الحديث) في دماج بصعدة وخطورة هذه المؤسسة على المذهب الزيدي (الهادوي) في معقله الأول (صعدة) وضرورة الحد من نشاطه وتوسعه واتفقا على أن يعود المتوكل إلى اليمن وينهي سفارته في فرنسا، كما اتفقا على الدفع باتجاه تعيين يحيى الشامي محافظا لصعدة ليقوم بتقييم الوضع في دماج ورفع تقرير مفصل للتنظيم عن النشاط السلفي في دماج.
عاد المتوكل إلى اليمن ونجحت مساعيه وجهوده ليس في تعيين الشامي محافظاً لمحافظة صعدة فحسب بل وتعيينه هو (المتوكل) أيضاً محافظاً لمحافظة إب فأصبح للتنظيم السري للهاشمية السياسية محافظتين هما إب وصعدة .
استلم اللواء يحيى الشامي مهام عمله كمحافظ لمحافظة صعدة عام 1985م وبدأ تنفيذ المهمة على الفور فكانت أول زيارة يقوم بها كمحافظ خارج المدينة إلى دماج حيث التقى بالشيخ مقبل بن هادي الوادعي، انذهل الرجل أثناء زيارته لدار الحديث من النشاط القائم في الدار، فوجد طلبة علم من كل أنحاء الجمهورية مع تواجد بسيط لبعض الجنسيات، كل هؤلاء الطلبة يقيمون في مبنى مخصص للسكن وتقدم لهم ثلاث وجبات يومياً من خلال مطبخ مركزي يفوق في إمكاناته المطابخ المركزية في المعسكرات الكبرى.
عاد اللواء الشامي من زيارته لدماج ليكتب تقريراً مفصلا عن نشاط المركز في دماج ونشاط المعاهد العلمية التابعة للدولة وبالغ في وصفها وقدم في تقريره تصوراً بضرورة تحصين الهوية الوطنية متمثلة في المذهب الزيدي (حد وصفه) من خلال إنشاء مكون شبابي يناط به مهام التصدي للغزو (الوهابي) الآتي من الحجاز ونجد.
كان تقرير الشامي موضوع النقاش في الاجتماع التالي لمجلس حكماء آل البيت والذي عقد أثناء موسم الحج في مكة عام 1986م بمن حضر من الأعضاء وبرئاسة المؤسس أحمد الشامي، وضع المجتمعون في هذا الاجتماع خطتين: الخطة المعجلة (أ) والخطة المؤجلة (ب) قضت الخطة الأولى بضرورة تحرك (علماء المذهب) في جميع المحافظات الزيدية لتحريض أتباع المذهب ضد هذه المعاهد والمراكز (الوهابية) كما كانوا يسمونها والتي تشكل الخطر الأكبر على المذهب الزيدي باليمن حسب وصفهم، وخلال الأعوام من 1986م وحتى قيام الوحدة عام 1990م بدأت المضايقات للمعاهد العلمية ومركز الحديث في دماج من خلال الحصار أحيانا والاعتداء المباشر بالنهب والإغلاق أو الاعتداء على المدرسين والطلاب بالضرب كما حدث في أكثر من مكان ولعل أبرز تلك الأحداث ما حدث في مديرية المحابشة عام 1987م من فتنة أوقدها المدعو صلاح بن أحمد فليتة (والد المدعو محمد عبدالسلام الناطق الرسمي باسم المتمردين).
أما الخطة المؤجلة (ب) فقد قضت بضرورة إنشاء كيانات عسكرية وثقافية، وكان من نتائج هذه الخطة إنشاء مؤسسة آل البيت التي تعنى بطباعة ونشر التراث الهادوي ثم تأسيس الشباب المؤمن عام 1990م على يد محمد عزان والذي تحول لاحقاً إلى حركة مسلحة متمردة، وكذا تأسيس حزب الحق عام 1990 الذي ظل الواجهة السياسية الرئيسة للتنظيم السري للهاشمية السياسية.
بعد نجاح مهمته الاستطلاعية في محافظة صعدة قدم الشامي استقالته من منصب المحافظ عام 1987م وبعث في نفس العام إلى جمهورية مصر العربية للدراسة العسكرية وهناك حصل على الماجستير في العلوم العسكرية، وبعد عودته من القاهرة عمل في مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدعم من اللواء المتوكل حتى عام 1990م، عمل خلالها على تعزيز الوجود الهاشمي السياسي في القوات المسلحة.
بعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في عام 1990م عين اللواء يحيى الشامي محافظاً لمحافظة مأرب، وظل فيها خمس سنوات حتى قدم استقالته عام 1995م استطاع خلال هذه الفترة أن يوطد علاقات الهاشمية الزيدية مع الأشراف في مأرب من آل الأمير وآل حيدر وآل الشريف وآل أبو ناب، وكذا آل المنصور وآل الهبيلي في بيحان، وهذا ما يفسر وقوف البعض منهم إلى جانب الحوثيين في قتالهم ضد الشرعية بعد الانقلاب المشؤوم.
بعد استقالته من محافظة مأرب تفرغ للعمل الحزبي إلى جانب اللواء يحيى المتوكل بالمؤتمر الشعبي العام وقد عمل في الجانب التنظيمي منه حتى تم تعيينه نهاية عام 1997م محافظاً لمحافظة البيضاء، وكما فعل في مأرب بدأ الشامي بتأطير الأسر الهاشمية في البيضاء وخاصة المتواجدة في رداع (قلب محافظة البيضاء) وكانت هذه الأسر الهاشمية (الهادوية) أسهل له من الأسر الهاشمية المأربية التي تنأى بنفسها عن التعصب المذهبي، ولهذا كانت محافظة البيضاء من أوائل المحافظات سقوطا بيد الانقلاب الحوثي بعد أمانة العاصمة ، وظل الشامي محافظاً لمحافظة البيضاء تسع سنوات حتى عام 2006م كانت كافية (لحرث أرض المحافظة) بالوجود الهاشمي السياسي الهادوي .
في بداية عام 2006 م شكل الرئيس السابق علي عبدالله صالح لجنة للوساطة مع الحوثيين لإيقاف الحرب الثالثة مع الحوثيين تمهيداً لانتخابات الرئاسة (ليس إلا) وعين اللواء يحيى الشامي رئيساً للجنة الوساطة وكان لايزال حينها محافظاً لمحافظة البيضاء، فانطلق إلى صعدة وما هي إلا أيام حتى صدر قرار جمهوري بتعيينه محافظاً لمحافظة صعدة، فجمع بين النقيضين محافظاً للمحافظة (حيث يمثل الدولة والنظام والقانون) ورئيساً للجنة الوساطة بين الدولة والمتمردين الحوثيين، ولم يكن لأحد أن يجمع بين هاتين (الحسنيين) لو لم يكن هو اللواء الشامي.
استطاع الشامي إيقاف الحرب الثالثة، بل واستطاع اقناع المتمردين الحوثيين بانتخاب (صالح) دون (بن شملان) وحصل مالم يكن في الحسبان، (صالح) يحصل على كل أصوات محافظة صعدة بنسبة (100%) فيما لم يحصل منافسه (بن شملان) على أي صوت حتى أصوات أعضاء أحزاب اللقاء المشترك بما فيها التجمع اليمني للإصلاح تحولت بقدرة قادر إلى صالح مرشح المؤتمر الشعبي العام علي عبدالله صالح، وهذا مالم يكن يحدث أيضاً لو لم يكن محافظ المحافظة هو اللواء الشامي.
حرص اللواء الشامي أثناء وجوده في صعدة كمحافظ ورئيس للجنة الوساطة أن يقدم عن الحوثيين تقارير ناصعة البياض وأن يقدمهم كمظلومين ولعله أول من استخدم مصطلح (مظلومية أبناء صعدة)، فقد نفى في تقاريره الرسمية وأحاديثه التلفزيونية ومقابلاته الصحفية حصول الحوثيين على أي دعم إيراني لا بالسلاح ولا بالمال، وأنكر تماماً وجود أي علاقة للحوثيين بحزب الله، وعندما اندلعت الحرب الرابعة استطاع الشامي أن يعمل على تسليم معسكرات الدولة بكامل عتادها للمتمردين الحوثيين، بل أصبح المصدر الرئيس لمعلوماتهم التي يعتمدون عليها في هجومهم على النقاط العسكرية والأطقم الأمنية ومعسكرات الجيش، وهو ما أدركته قيادة الجيش الوطني متأخراً فضغطت باتجاه عزل الشامي عن المحافظة عام 2007م وتعيين مطهر رشاد المصري بدلا عنه بشكل مفاجئ جعله يزعم أنه لم يعزل بل قدم استقالته.
عاد اللواء الشامي أدراجه إلى العمل التنظيمي بالمؤتمر الشعبي بعد أن استطاع تحويل حركة الحوثي خلال عام واحد فقط من مجاميع قتالية تتخذ شكل العصابات إلى جماعة مسلحة ومنظمة تمتلك خبرات عسكرية ومعدات ثقيلة وقوة ضاربة تهدد الجمهورية بل والدول المجاورة للجمهورية اليمنية.
في منصف عام 2007م عين اللواء الشامي(خلفا لأحمد العماد) رئيساً لأهم هيئات المؤتمر الشعبي العام وهي هيئة الرقابة التنظيمية والتفتيش المالي التي انتخبت لهذا العمل في المؤتمر العام السابع في دورته الاستثنائية في عدن، وبقي في هذا العمل حتى شهر مارس 2011 م حيث أعلن حينها انضمامه إلى ثورة الشباب، وبدأ مع زملائه بتكوين تنظيم العدالة والبناء.
في عام 2007 م قام اللواء الشامي بالانقلاب على عمه القاضي أحمد محمد الشامي الذي خلف الأستاذ أحمد محمد الشامي في رئاسة مجلس حكماء آل البيت عام 2005م وأصبح اللواء الشامي رئيساً للمجلس الذي يعد أعلى هيئة تنظيمية في التنظيم السري للهاشمية السياسية باليمن، وقد أزعج هذا الانقلاب القاضي أحمد الشامي فأعلن على الفور حل حزب الحق الذي يعد الواجهة السياسية للتنظيم حينها، ولكن اللواء الشامي استطاع أن ينقذ الحزب ويعيده للواجهة بقيادة حسن زيد ومعه مجموعة من الشباب.
بعد هذا الانقلاب أصبح اللواء الشامي هو الرجل الأول للهاشمية السياسية باليمن التي تمثل حركة الحوثي ذراعها العسكري فقط ، وفي الحلقة القادمة سوف نتناول أدوار الشامي منذ ثورة الشباب في 2011 م وحتى اللحظة.
يتبع…