في تطور أمني من شأنه أن يزيد من هشاشة الوضع في اليمن، تعرض محافظ عدن، عيدروس الزبيدي، برفقة مدير أمن المحافظة، شلال علي شائع، لمحاولة اغتيال أمس الجمعة هي الرابعة منذ تسلمه منصبه، أواخر العام الماضي. يأتي هذا التصعيد الميداني في وقت يستمر فيه انسداد أفق الحل السياسي في اليمن. فقد تعثر استئناف المشاورات اليمنية بموعدها المحدد، والذي كان مقرراً أمس الجمعة، وذلك في ظل تمسك وفد الحكومة الشرعية بضمانات خطية واضحة تلتزم بها المرجعيات، قبل العودة إلى المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة في الكويت. وجاء تعثر استئناف المشاورات على الرغم من توجه وفد تحالف الانقلابيين (الحوثيين وحزب المؤتمر بقيادة الرئيس المخلوع، علي عبد الله صالح) إلى الكويت، يوم الخميس.
وفي محاولة لحث الشرعية على الالتحاق مجدداً بالمشاورات أفادت مصادر قريبة من الحكومة اليمنية لـ”العربي الجديد” أن المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، قطع طريقه إلى الكويت، وتوجه من العاصمة العُمانية مسقط، إلى العاصمة السعودية الرياض، للقاء الرئيس عبدربه منصور هادي والوفد الحكومي بالإضافة إلى إجراء لقاءات دبلوماسية أخرى، في إطار الجهود الساعية لاستئناف مسار المفاوضات. وجاء توجه ولد الشيخ أحمد إلى السعودية بعدما تسلم رسالة رسمية من الجانب الحكومي اليمني أوضح فيها موقفه من عدم حضور المشاورات في موعدها، وطالب بإجراءات وضمانات تسبق العودة لطاولة الحوار.
ووفقاً لنائب مدير مكتب الرئاسة اليمنية، عضو الوفد الحكومي المشارك في المفاوضات، عبدالله العليمي، فإن الرسالة توضح موقف الحكومة “الحريص على إنجاح مساعي السلام من خلال ضوابط وضمانات واضحة تدفع لاستئناف المشاورات”. وأضاف العليمي في تصريحات صحافية أن “الوفد على استعداد للذهاب حين تكون ظروف إنجاح المشاورات مهيأة”.
وجاء الموقف الحكومي على الرغم من الضغوط الدبلوماسية واللقاءات التي عقدها هادي مع دبلوماسيين بريطانيين وأميركيين، فيما لم يعقد اجتماع كان من المقرر أن يجريه هادي مع مجموعة سفراء الدول الـ18، والتي تضم الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن ودول مجلس التعاون ودولاً أخرى. وفُسر فشل الاجتماع باعتباره مؤشراً على وجود تباين داخل مجموعة الدول الـ18، وهو الأمر الذي يعكسه أيضاً فشل مجلس الأمن الدولي، هذا الأسبوع، في إصدار بيان رئاسي حول الوضع في اليمن، يدعم جهود المبعوث الدولي.
ووفقاً لمصادر سياسية ودبلوماسية لـ”العربي الجديد”، فإن المشروع طرحته بريطانيا قبل أن توضع عليه تعديلات من قبل مندوب مصر، ورفضت روسيا صدوره بعد التعديل. وكان ولد الشيخ أحمد غادر الخميس صنعاء بصحبة وفدي جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحزب المؤتمر، ووصلا إلى مدينة صلالة في سلطنة عُمان، كمحطة قبل الانتقال إلى الكويت، إلا أن المبعوث الأممي وبعد الرسالة الرسمية من الجانب الحكومي قرر أن يتوجه إلى الرياض.
وأثارت مغادرة ولد الشيخ أحمد إلى جانب وفد الانقلابيين وما اعتبر أنه تجاهل للمطالب التي طرحها هادي في لقاء سابق مع المبعوث الأممي، يوم الثلاثاء الماضي، انتقادات واسعة، من أنصار الحكومة الشرعية، الذين رأوا في تلك الخطوة تجاهلاً لمطالبة الحكومة بضمانات قبل استئناف المحادثات.
عودة محاولات الاغتيال
وعلى الصعيد الميداني في اليمن، يبدو عدم استقرار المشهد الأمني مفتوحاً على شتى الاحتمالات، بما فيها عودة مسلسل الاغتيالات. فلا يكاد اليمنيون ينسون خبر محاولات الاغتيال السابقة التي استهدفت محافظ عدن، حتى تأتي محاولة جديدة، وهو ما حدث أمس الجمعة، إذ تعرض موكب المحافظ الزبيدي، ومدير أمن المحافظة، شلال علي شائع، لمحاولة اغتيال جديدة في حي إنماء شمال مدينة عدن، وذلك باستخدام سيارة مفخخة كانت مركونة على جانب الطريق. وكان الاثنان في طريقهما إلى مديرية البريقة، فيما نتج عن انفجار السيارة المفخخة إصابة أحد الجنود. ولم تعلن أي جهة على الفور مسؤوليتها عن الحادث. ووفقاً لمصادر محلية في عدن، فإن محاولة اغتيال المحافظ، تعد الرابعة من نوعها منذ تسلمه قيادة المحافظة في ديسمبر/كانون الأول 2015.
ومن اللافت أن أغلب المحاولات التي تستهدف المحافظ تمت أثناء تنقله إلى جانب مدير أمن المحافظة، الأمر الذي يثير انتقادات للرجلين باعتبار تنقلهما معاً يزيد من خطورة استهدافهما. وجاءت المحاولة الأخيرة لاغتيالهما أمس على الرغم من التحسن المحدود في الجانب الأمني بعدن، إذ تراجعت وتيرة الاغتيالات التي كانت تتم ولأكثر من مرة خلال الاسبوع الواحد، غير أنها تراجعت أخيراً، وكان أبرز هجوم شهدته المدينة هو ذلك الذي تبناه تنظيم “القاعدة” في أول أيام عيد الفطر، واستهدف معسكراً لقوات الأمن.
من ناحية أخرى، جاءت محاولة اغتيال المحافظ بالتزامن مع أزمة متصاعدة على خلفية تدهور الخدمات والأداء الحكومي في عدن وخصوصاً في ما يتعلق بالتيار الكهربائي، وهي الأزمة التي يرجعها الجانب الحكومي إلى محدودية الموارد وغياب الموازنة المقررة للمحافظة، بسبب سيطرة الانقلابيين على المؤسسة المالية في العاصمة اليمنية صنعاء.
كذلك تزامنت الحادثة مع خلافات بين قيادة المحافظة وتيارات سياسية في المدينة، حيث أثيرت اتهامات لتاجر محسوب على حزب التجمع اليمني للإصلاح بتوريد “تمور” منتهية الصلاحية إلى المدينة، فيما تتفاقم الخلافات أيضاً على خلفية أزمة سفينة “الأسلحة الزعيمة”، وهي سفينة ضُبطت في طريقها إلى الحوثيين، آتية من دولة أفريقية، إلا أن تسريبات أخرى تحدثت عن أن السفينة تحركت من عدن. هذا الأمر دفع المحافظ إلى إصدار بيان أوضح فيه أن “المقاومة” ضبطت سفية تحمل “كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر وذلك في منطقة الجزر السبع قبالة سواحل الصومال وجيبوتي”. وأضاف بيان المحافظ أن “الزعيمة كانت آتية من القرن الأفريقي ومتوجهة إلى منطقة المخا الواقعة تحت سيطرة المليشيات الانقلابية”، مؤكداً أنه “سيتم التحقيق من قبل الأجهزة المختصة مع طاقم السفينة ونشر نتائج التحقيق وكل التفاصيل للرأي العام، موثقة بالصور التي تظهر نوع السلاح وكميته، وبشكل شفاف”.
العربي الجديد