الجنيه المصري يتداعى أمام الدولار “سعر الصرف”

- ‎فيعربي ودولي, مال وأعمال
تداعى الجنيه المصري إلى مستويات غير مسبوقة من التراجع الحاد في قيمته، حتى اقترب صرفه من مستوى 16 جنيها مقابل الدولار الواحد.

وتراجع الجنيه مؤشر اقتصادي خطير صنعته عوامل عدة، تبدأ بالمخاوف التي أثارها عدم وصول المعونة النفطية السعودية لمصر عن شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ولا تتوقف عند سياسات السلطات المصرية التي نقلت المواطن المصري من الانتشاء بوعود الرفاه الاقتصادي إلى معاناة أزمة معيشية خانقة، تقول مؤشرات متواترة إنها ستزداد قسوة مع ارتفاع الأسعار بفعل التوجه نحو تعويم الجنيه، نزولا عند شروط صندوق النقد الدولي لإسناد قرض جديد لاقتصاد مصر المترنح تحت ثقل ديونه المتراكمة.

ونشر البنك المركزي المصري -في تقرير جديد له- معطيات عن ما وصل إليه الدين الخارجي للبلاد، وهو مؤشر يؤكد مقدار المصاعب المتفاقمة للاقتصاد المصري الذي يعاني من ازدياد مستوى ديونه الخارجية.

الدين الخارجي
وجاء في التقرير أن إجمالي الدين الخارجي لمصر زاد بنسبة 16% خلال العام المالي الماضي 2015-2016 ليصل إلى 55.8 مليار دولار، مقابل 48.1 مليار دولار في 2014-2015.

وأضاف أنّ الدين الخارجي لمصر واصل ارتفاعه المتكرر خلال الربع الرابع من العام المالي (2015-2016) بنحو 2.3 مليار دولار، حتى بلغ نهاية يونيو/حزيران الماضي 55.8 مليار دولار، مقابل 48.1 مليار دولار بنهاية يونيو/حزيران 2015، ومقابل 53.4 مليار دولار بنهاية مارس/آذار الماضي.

عن هذا الموضوع، يقول الخبير الاقتصادي المصري مصطفى شاهين إن أكبر سبب مؤثر جدا لتراجع الجنيه بهذا الشكل هو توقف عجلة الإنتاج، ومع وصول قيمة الواردات إلى نحو سبعين مليار دولار وأحيانا إلى تسعين مليارا، بينما لا تتجاوز قيمة الصادرات 22 مليار دولار، يصبح الطلب على الدولار متزايدا، وبالتالي يرتفع سعره.

وأضاف أن المشكلة الأخطر الآن هي أن جزءا كبيرا من الطلب على الدولار لا يخضع لاعتبارات الاستيراد والتصدير، وإنما لدواعي الخوف والقلق من المستقبل، أو لاعتبارات المضاربة طمعا في زيادة سعر الدولار.

وحذر شاهين من أن المواطن البسيط هو من سيكتوي بنار الأسعار، لأن 60% من السلع الغذائية الأساسية مستوردة من الخارج، وبالتالي هناك تداعيات خطيرة جدا على فئة عريضة جدا من الشعب المصري.

مسكنات وحلول
وبشأن القروض التي تسعى مصر للحصول عليها، قال شاهين إن القروض القادمة من صندوق النقد الدولي والسعودية والصين، هدفها أن يكون لدى البنك المركزي رصيد كاف قبل تعويم الجنيه.

ومن وجهة نظره فإن الحل السليم يكون بتوظيف هذه القروض لإعادة الإنتاج وفتح المصانع المغلقة وتشغيل العمالة وتعزيز إنتاج المزارعين، بدلا من الحصول على القرض لإسناد الدولار.

من جهته، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة الدكتور سيف عبد الفتاح أن هناك أسبابا سياسية جوهرية في هذه الأزمة، أبرزها أن النظام المصري حينما جاء اتخذ من محاربة الإرهاب شعارا له، وهو ما أدى به لأن يقول إنه يخوض معركة وجودية، وهو أمر لا يناسب حالة الاستقرار الاقتصادي.

وأوضح أن هذه المنظومة المضطربة أدارت أزمة تراجع الجنيه مقابل الدولار بثلاث طرق فاشلة لا تسهم في معالجة الأزمة، أولها الإدارة بالكذب، وثانيها الإدارة بالمسكنات عبر المساعدات والقروض، وآخرها التعامل بمنطق القوة فقط كما هو الحال بالتعامل مع محلات الصرافة بشكل أمني، مما روج للسوق السوداء في إطار من عدم الشفافية المطلقة.