قال الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، إنه يعرف «قاتل» الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، لكنه سينتظر نتائج لجنة التحقيق الفلسطينية المكلفة بمتابعة هذا الملف.
وأضاف أبو مازن، في خطاب جماهيري في الذكرى الـ12 لوفاة عرفات: «لو سُئلت لقلت إنني أعرف، لكن شهادتي لا تكفي، لا بد للجنة التحقيق أن تنبش لتصل من الذي فعل هذا؟ وفي أقرب فرصة ستأتي النتيجة، وستدهشون منها ومن الفاعلين، لكنهم سيكشفون».
وهذه أول مرة يتحدث فيها عباس صراحة عن وجود قاتل لعرفات، ويعلن أنه يعرفه، بعد سنوات من التحقيق الطويل، الذي تضمن أخذ إفادات من مرافقين لعرفات، وأخذ عينات من رفات الراحل، لتعزيز فرضيات حول موته مسموما، أو نفيها.
وتوفي عرفات في مستشفى فرنسي في باريس، في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2004، بعد أن تدهورت صحته بشكل مفاجئ.
وتعهد الرئيس الفلسطيني أمس، بالمضي على طريق عرفات، قائلا إن عام 2017 سيكون عام إنهاء الاحتلال، «بالعمل وبالنضال، وبكل الوسائل المتاحة». مضيفا: «نقول للعالم كفى، إن عام 2017 يجب أن يكون عام إنهاء الاحتلال».
وتطرق عباس إلى وعد بلفور الذي أصدره وزير خارجية بريطانيا، آرثر جيمس بلفور، بتاريخ 2 نوفمبر 1917، إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد، يعلن فيه تأييد الحكومة البريطانية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، مطالبا بريطانيا بتصحيح هذا الخطأ.
وقال عباس: «إن 99 سنة قد مضت على وعد بلفور المشؤوم الظالم، العام المقبل يصبح مائة، ولكن لم ولن تجعل الباطل حقيقية مسلمًا بها، فحق شعبنا في وطنه ثابت وأصيل، لا يسقط بالتقادم، ولا بالتزوير لوقائع التاريخ».
وأضاف عباس: «سيقول البعض إن وعد بلفور مضى وانقضى، لماذا الآن تتحدثون عن هذا الوعد، ولماذا تحيون ذكراه في المحافل الدولية. نعم نريد أن ننبش القبور، ونقول لمن أعطى هذا الوعد: أنت أعطيت ما لا تملك لمن لا يستحق. الحق لا يموت بالتقادم، ويبقى من واجبنا أن ندافع عن حقنا.. من الذي أعطاك يا بلفور هذا الحق لتبيع أرضنا؟».
وتابع عباس: «الآن نحن نناقش مع بريطانيا، لماذا فعلتم هذا؟ أنتم فرطتم بنا، ولم يكن لكم علاقة بفلسطين أصلا، لأن هناك بعض الأوهام لدى بعض الناس، بأن فلسطين كانت تحت الانتداب، أبدا لم يكن هناك انتداب بريطاني، ولم يكن هناك وجود لبريطانيا في هذه المنطقة إطلاقا، وإنما من عند السيد بلفور. إنه لم يقدم وعدا وإنما قدم صفقة، فأعطى من فلسطين وأصبحت حقا، لماذا لم يعط من بريطانيا أو آيرلندا.. يجب على بريطانيا أن تعترف أولا بأنها أخطأت في حقنا، ثم بعد ذلك لكل حادث حديث».
وأردف: «نريد أن نثبت أن هذه ليست من حق بريطانيا. هذه أرضنا ويجب على بريطانيا أن تعترف أولا، ومن ثم نتحدث، هذه القضية أثيرت قبل أشهر وهي مستمرة».
ورسم عباس خطة طريق وصولا إلى الدولة، تتضمن، بالإضافة إلى المراجعات مع بريطانيا، إقامة المؤتمر الدولي للسلام المزمع أن تقيمه فرنسا نهاية العام، والعودة إلى مجلس الأمن لنيل الدولة الكاملة.
وقال عباس، إنه يأمل في نجاح فرنسا في عقد هذا المؤتمر قبل نهاية العام الجاري، ليضع سقفًا زمنيًا لإنهاء الاحتلال، وإيجاد آلية عمل ومراقبة لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه.
وأوضح: «هذه هي أفكار مؤتمر باريس. كنا اتفقنا مع الرئيس هولاند، وقلنا لهم أنتم كأوروبا وأميركا، سارعتم لحل مشكلتكم مع إيران، وهذا شأنكم، وشكلتم لجنة (5+1)، واستمر حواركم مع إيران سنوات طويلة، وهذا شأنكم، إلى أن وجدتم الحل المناسب مع إيران. لماذا لا تفعلون ذلك معنا؟ فقال فكرة وعلينا أن ندعو لها (..) نريد آلية تضع أسس المرجعيات القانونية الدولية. وجميعها نقبل بها دون استثناء، إضافة إلى المبادرة العربية للسلام، وهي جزء من الشرعية الدولية، وهذه المرجعيات تحملها اللجنة وتطبقها، وتضع سقفا زمنيا للمفاوضات وآخر لتنفيذ الاتفاقات، وهذه هي الطريقة المثلى».
وأكد عباس، في حديثه لآلاف من الجماهير التي وصلت إلى المقاطعة في رام الله، لإحياء ذكرى عرفات، أنه سيعود إلى مجلس الأمن لانتزاع اعتراف بالدولة الفلسطينية، ولإدانة الاستيطان، ولو تكرر ذلك عشرات المرات. ولا يرى عباس أن هناك أي تعارض بين هذا التوجه والمؤتمر الدولي.
وشدد عباس على أنه لن يتنازل في أي مرحلة عن «الثوابت» الفلسطينية. وقال، في المقابل، إنه ما زال يمد يده للسلام، لكن السلام القائم على إقامة الدولة الفلسطينية.
ورفض عباس فكرة أن تكون القدس عاصمة الدولتين أو لدولتين. موضحا: «عندما نقول دولة فلسطينية مستقلة، لا يمكن أن ننسى، ولن ننسى، أن القدس عاصمة لهذه الدولة. هناك شعارات تطلق بين الفينة والأخرى، تقول إن القدس عاصمة لدولتين، أو إن عاصمة الفلسطينيين في القدس، لا إن عاصمتنا هي القدس الشرقية».
وفي موضوع آخر، أرسل عباس رسائل متعددة حول عقد مؤتمر حركة فتح السابع، مؤكدا أنه سيعقد نهاية الشهر الحالي، بغض النظر عن محاولات إفشاله. وقال عباس: «يوم 29 نوفمبر، أي بعد 19 يوما، مؤتمركم سيعقد هنا في رام الله، مهما حاولوا ولعبوا وقالوا، المؤتمر (سيعقد) بكم أنتم الذين تمثلون حركة فتح وأصدقاءها، ستعقدون هذا المؤتمر في قاعة المرحوم الشهيد أحمد الشقيري، مؤسس منظمة التحرير الفلسطينية، فنحن معكم جميعا على موعد لعقد هذا المؤتمر». وقوطع عباس بتصفيق شديد مع هتافات ضد محمد دحلان، القيادي المفصول من حركة فتح، الذي يعتقد أن عباس قصده بقوله «مهما حاولوا»، فرد عباس على الجماهير: «لا تذكروا اسم أحد. إنهم لا يستحقون (ذكر أسمائهم)».
وعرض عباس على حماس انتخابات لإنهاء الانقسام، وقال: «في 2006 جاءت حماس بانتخابات حرة ونزيهة ونحن أشرفنا عليها. لماذا لا تقبل بانتخابات حرة ونزيهة والشعب يقول كلمته، ومن يعطه الشعب الكلمة فليتول المسؤولية، نحن مؤمنون بالديمقراطية». وأضاف: «أنا أريد أي حل، وأنا مستعد لأن نعود إلى الشعب وهو يقرر. فإذا قرر الشعب، كما قرر عام 2006، أن يعطيهم المجلس التشريعي فمبروك عليهم، أما أن نبقى هكذا حاجزين الوطن، لا دولة في غزة، ولا دولة فلسطينية من دون غزة، فإذن ما الحل».