مع تزايد الضغوط الدولية على إيران بهدف تغيير سياساتها تجاه دول المنطقة، برزت في الآونة الأخيرة مواقف وتحركات سياسية من قبل الأحوازيين لإعادة الشرعية لدولة الأحواز على المستويين العربي والخليجي، وخاصة على طاولة جامعة الدول العربية.
ورغم التحركات المكوكية للزعماء السياسيين والمجتمعيين ورجال القبائل في الأحواز، فإنّ هذا الأمر لا يزال يواجه عقبات كبيرة تعود إلى عدم وجود توافق عربي تجاه قضية الأحواز، إضافة إلى أنّ التشرذم العربي في القرارات السياسية على مستوى القضايا المهمة، وكذلك فإن اختلاف التوازنات والمصالح السياسية على المستوى الدولي والإقليمي تجعل من إعادة شرعية دولة الأحواز ملفاً شائكاً يصعب تحريكه في المياه الراكدة.
لكنّ الرسالة الأخيرة التي وجهها وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، إلى طهران خلال زيارته الأخيرة إلى العراق، تبعث بارقة أمل من جديد لإعادة إحياء شرعية دولة الأحواز من جديد، والذي أكدّ من خلالها أنّ “طهران إذا لم تنته وتتوقف عن العبث بأمن البلدان العربية حتى نهاية عام 2017، فإنّ الفوضى ستطولها عبر إبعادها طبيعياً من حدودنا العربية”.
– جهود حثيثة لإعادة شرعية الأحواز
وفي هذا السياق، يؤكد رئيس اللجنة التنفيذية لإعادة الشرعية لدولة الأحواز، عارف الكعبي، في تصريحات خاصة لـ”الخليج أونلاين”، أنّ الأحوازيين يسعون بكل ما يستطيعون من جهد لأجل دفع ملف إعادة الشرعية لدولة الأحواز على الساحة العربية والدولية، وتحديداً عبر جامعة الدول العربية، مشدداً على أنّ وفده المرافق واجه صعوبات كثيرة في المسير خلال العام الماضي والحالي، ولأسباب كثيرة؛ منها أنّ ملف قضية الأحواز لم يكن يتداول عربياً وخليجياً لظروف متراكمة، وهذا مؤكد من الناحية العملية والفعلية.
ويرى الكعبي، أنّ قضية الأحواز مهمة وحيوية وحية وتدخل في مجالات كثيرة، وخاصة بالعمق العربي الامتدادي لجغرافية إيران، وبكل ما يتعلق بالبعد الأمني لمنطقة الخليج وهذا يؤكد أهميتها من جانب وصعوبتها من جانب آخر، مشدداً على أنّ مهمة اللجنة كانت صعبة؛ وذلك لأنّ مشروع إعادة دولة الأحواز لم يقتصر على الجانب السياسي؛ بل له أبعاد قانونية وشرعية في أفق تتحرك فيه إيران بقوة، وهذا ما أدى إلى تصعيب المهمة.
– طرح الملف على العرب والخليج
اللجنة التنفيذية لإعادة الشرعية لدولة الأحواز، طرحت مشروع إعادة الشرعية للأحواز لدى نظرائها الخليجيين والعرب، وتمّ إطلاعهم على المشروع ومحاوره، وتجاوب العديد منهم مع آلية المشروع بحسب ما أكده الكعبي، مشيراً إلى أنّ المرحلة السابقة كانت شاقة، استطاعت اللجنة من خلالها أن تعيد توازن القضية إلى الساحتين الخليجية والعربية، لكنّ الكعبي يؤكد أنّ الطريق لا يزال طويلاً في هذا المضمار، لكنّ اللجنة سائرة بمنهجية توافقية وتقول إن ثمارها ستأتي عما قريب.
– توافق ملموس لتفعيل الاعتراف بالأحواز
وحول وجود استراتيجية توافقية جادة وملموسة من قِبل الدول العربية لتفعيل إعادة الاعتراف بدولة الأحواز، يؤكدّ الكعبي أنّ الدول العربية ليس لديها حتى هذه اللحظة استراتيجية واضحة تجاه الاعتراف بدولة الأحواز، ولكن يوجد هناك توافق ملموس على تفعيل الملف خليجياً وعربياً، حيث ستكون هناك أحداث قادمة ستعيد رسم السياسات في المنطقة ومنها عدالة قضية الأحواز، مشدداً على أننا “نعيش الدور التخريبي والمخططات الإيرانية غير المنقطعة النظير تجاه المحيط الخليجي والعربي”.
ومن هنا، فإنّ الكعبي، يرى أنّ مشروع إعادة الشرعية لدولة الأحواز سيسهم إسهاماً مباشراً وفعالاً في إعادة التوازن الطبيعي بالمنطقة وسيوقف التوسع والتمدد الإيراني ويفشل جميع مخططات طهران الطامعة، وأولى نتائج المشروع إذا ما تمّ تنفيذه على أرض الواقع هو شلل الاقتصاد الإيراني المبني على خيرات الأحواز من النفط والغاز، وسيسهم في مشاغلة إيران وضعفها داخلياً وسيكون المحرك الأساسي للشعوب غير الفارسية بالتحرك أيضاً.
– ضرورة ترسيم الأحواز بإطار الشرعية
من جانبه، يؤكد الشيخ علي جابر، آخر أحفاد الشيخ خزعل- أمير الأحواز سابقاً، في تصريحات خاصة لـ”الخليج أونلاين”، ضرورة ترسيم القضية الأحوازية في إطار مشروع الشرعية، وهو بحد ذاته يعدّ انجازاً تاريخياً سيحول مجرى الأحداث بشكل لافت لتكون أمة العرب متصلة مع الأحواز بحدود جغرافية فاصلة عن إيران، التي من شأنها أن تبعدها كلياً عن الامتداد العربي-الخليجي وينتهي وجودها على السواحل البحرية الممتدة بمحاذاة الأحواز.
ويرى جابر أنّ حقيقة طهران قد بانت بشكلها الواضح المطلق الذي ليس فيها مجال للشكّ، والذي يشير إلى أنّها كيان متمرد طامع متجذر في بغض العرب وإقصائهم وتصدير الموت والخراب لهم.
وأكد أنّ المتتبع للتاريخ يرى أنّ الأمة العربية لم تسلم من مخططاتها ومكائدها، حيث تزايدت بعد مجيء الثورة الخمينية ذات الصفة العنصرية الجائرة التي زادت من وتيرة التسلط والأطماع اللاشرعية وتفتيت الوحدة الإسلامية والتدخل المباشر في شؤون الدول وتصدير الثورة المشؤومة التي خلفت الحروب والدمار في المنطقة. والشواهد على ذلك كثيرة؛ فإيران حاربت العراق وأرادت احتلاله عسكرياً كما احتلت الأحواز عام 1925، ولكنّها فشلت في احتلاله عسكرياً لتحتله سياسياً واجتماعياً واقتصادياً بعد 2003.
ويختتم جابر حديثه بتأكيد أنّ “حقيقة إيران باتت مستبانة من حيث العقل والمنطق، وبدورنا نقول كلمة الحق التي نؤكد من خلالها أنّ الأمة العربية لن تكون في مأمن حتى تحرر الأحواز من إيران”، مناشداً الأشقاء في الخليج العربي والجامعة العربية ودول العالم الإسلامي بضرورة دعم مشروع إعادة الشرعية لدولة الأحواز؛ لأنّه مشروع الخلاص من شر إيران ومخططاتها العبثية في المنطقة.
الأحواز أو الأهواز، “حسبما تنطق بالفارسية”، تعتبر الضفة الشرقية للخليج العربي، يبلغ تعداد سكان الأحواز 5 ملايين شخص من العرب الأصليين في وطن تبلغ مساحته 528 ألف كيلومتر مربع، يمتد من مضيق باب السلام أو ما يسمى هرمز إلى العراق.
عروبة “الأحواز” لم تكن وليدة ظرف تاريخي معين؛ بل ترجع في أصولها إلى الفترة “العيلامية”، التي كانت أول حضارة نشأت في هذه البقعة بعد حضارة بلاد الرافدين بنحو مئتي سنة، وفيها استقرت قبائل عربية جاءت في هجرات متتالية قبل الإسلام وبعده.
أطلقت الدولة الصفوية على إقليم الأحواز قبل 5 قرون اسم “عربستان”، غير أن السلطات غيرت الاسم إلى خوزستان، كما غيرت الأسماء العربية لمدن الإقليم إلى أخرى فارسية منذ عام 1936 في عهد الشاه رضا بهلوي، الذي خلع حاكمه، الشيخ خزعل الكعبي، وفرض السيطرة الإيرانية على الإقليم منذ عام 1925.
رغم نضال امتد أكثر من تسعة عقود، لا تزال الحكومات الإيرانية تمارس أعتى ألوان القمع ضد الشعب الأحوازي، فوصل القمع من تجفيف الروافد العلمية وغلق المراكز الثقافية وعدم تدريس اللغة العربية، حتى الإعدام للنشطاء.
وشهدت الأحواز عمليات تغيير وتغريب لطابعها العراقي العربي، ومن أهم العوامل: تحريم التحدث باللغة العربية بالأماكن العامة، واستعمال اللغة الفارسية، وأن تكون مناهج الدراسة في المدارس باللغة الفارسية فقط ولا يجوز التحدث بأي لغة أخرى، ومنع قراءة القرآن الكريم، ومنع تسمية المواليد بأسماء عربية، ومنع ارتداء الزي العربي، وفرض التجنيس والتجنيد الإجباري، واستبعادهم من المناصب الرفيعة في الدولة، ثم وصل الأمر إلى التهجير الجماعي واغتصاب الأراضي العربية وزرعها بمستوطنات فارسية.