لا تزال ردود الأفعال على قرارات الرئيس هادي تتوالى بين معارض ومؤيد ومترقب لما ستؤول اليه نتائج هذه القرارات التي أصدرها رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي ليل الخميس الماضي والتي قضت بإقالة محافظ عدن عيدروس الزبيدي تعيين المستشار عبدالعزيز المفلحي خلفا له بالإضافة الى اعفاء الوزير هاني بن بريك من منصبه واحالته للتحقيق.
كما تضمنت القرارات الرئاسية اجراء تعديل على حكومة الدكتور احمد عبيد ابن دغر حيث نص قرار التعديل على تعيين القاضي جمال محمد عمر وزيراً للعدل والدكتور معين عبد الملك سعيد وزيراً للأشغال العامة والطرق، والدكتورة ابتهاج أحمد الكمال وزيراً للشؤون الاجتماعية والعمل، ومحمد محسن عسكر وزيراً لحقوق الإنسان، والدكتور سمير محسن شيباني نائباً لوزير حقوق الإنسان.
تخريب وفوضى
هذه القرارات التي وصفت بالجريئة والحازمة قوبلت بردود أفعال متباينة على الصعيد المحلي والخارجي فميدانيا شهدت محافظة عدن صباح اليوم تجمع لعشرات المتظاهرين المنددين بقرار اقالة الزبيدي رافعين الاعلام الانفصالية -علم ما كان يعرف بدولة الجنوب قبل تحقيق الوحدة اليمينة عام 1990- واللافتات التي تدعو الى رفض قرار رئيس الجمهورية.
المتظاهرون الذي جابوا شوارع عدن رددوا هتافات مناوئة للرئيس اليمني وحكومة الشرعية التي يرأسها الدكتور احمد عبيد بن دغر وقاموا بإحراق مقرات التجمع اليمني للإصلاح في محافظتي عدن ولحج وهو الحزب اليمني الأكبر الذي يؤيد ويساند شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي.
قرارات لإصلاح الخلل
اما على الصعيد السياسي المحلي فقد لاقت قرارات هادي مباركات وتأييد معظم القوى السياسية والعسكرية والشخصيات الاجتماعية على مستوى المدن والمحافظات المحررة فقد باركت مؤسسة الجيش الوطني هذه القرارات واعتبرتها خطوة إيجابية في المسار الصحيح وقال اللواء المقدشي رئيس هيئة الأركان العامة:” نيابة عن كافة منتسبي القوات المسلحة الباسلة نعبر لكم عن مباركتنا وتأييدنا المطلق الى جانب كافة القرارات والتعديلات الوزارية التي اتخذتموها اليوم، والتي جاءت في الوقت المناسب”.
وأضاف” ان ذلك يؤكد حرص فخامتكم وقلقكم على مصالح شعبكم وتقييمكم الإيجابي لمستوى أداء الحكومة مشيرا الى “ان هذه القرارات تعد بمثابة بداية مؤزرة لتصحيح الخلل وتقويمه وتصب في المصلحة الوطنية العليا لكل أبناء الشعب اليمني “.
كما توالت برقيات التأييد للقرارات الرئاسية من قادات المناطق العسكرية والأمنية وأجهزة المخابرات ومحافظي المحافظات السلطات المحلية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الاجتماعية والقبلية ورجال دين اكدت جميعها على أن تلك القرارات تصب في المصلحة العليا للوطن وتؤكد حرص القيادة السياسية على تصويب المسار والمضي قدما نحو بناء اليمن الاتحادي المنشود.
غضب اماراتي
وعلي الصعيد الدولي فقد اثارت قرارات الرئيس هادي حفيظة قادة إماراتيين ما عكس الموقف الرسمي من هذه القرارات فقد انتقد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، اليوم الجمعة، قرار إعفاء “بن بريك” من منصبه، وقال في تغريدة له على حسابه بموقع تويتر “تعليقي على ما أراه: المشكلة الحقيقية هي في تغليب المصلحة الشخصية والأسرية والحزبية على مصلحة الوطن، وهو في مفصل حرج في معركته المصيرية” في إشارة إلى قرار هادي فيما وصف علي النعيمي مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم ” هاني بن بريك” ببطل المقاومة الحقيقي ، ساحات المعارك تشهد له وميادين العز تفخر به، بينما كان غيره يقاتل عبر القنوات الفضائية ويتخندق في الفنادق”، في إشارة إلى حكومة الرئيس هادي.
اما القائد العام السابق لشرطة ” ضاحي خلفان “فقد ذهب الى ابعد من ذلك في مهاجمته الصريحة لرئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي حين وجه له تهمة الخيانة قائلاً ” هادي يدعم الاخوان ضد التحالف “.
ويضيف خلفان في تغريدة أخرى ” ما تنجزه الامارات والمقاومة يهده هادي.. أي رئيس هذا يستحق ان نتعاطى معه مؤكداً عن موقفه في تغريدة ثالثة ” أولى خطوات الحل في اليمن انهاء فترة حكم هادي التي تآكلت مع الزمن ” حد زعمه.
الموقف الأكثر غرابة هو ما حدث في مطار عدن الدولي من قبل القوات الامارتية المنطوية تحت قوات التحالف العربي والمكلفة بحماية مطار عدن واحتجازها للعميد مهران القباطي ومنعه من الدخول الى عدن واجباره على العودة الى الرياض وهو ما يمثل انتهاكا للسيادة الوطنية وشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي الذي تنطوي تحتها عمليات التحالف في اليمن في موقف وصفه مراقبون ب”المتهور” من الجانب الاماراتي ويزيد من حدة التوتر في المدينة.
الموقف السعودي ودول التحالف
المملكة العربية السعودية التي ترأس قيادة التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن عكس موقفها من قرارات الرئيس هادي تصريحات المحلل العسكري ابراهيم آل مرعي الذي أكد على أهمية التسليم بالقرارات التي تصدر من الرئيس باعتباره مركز السلطة، مؤكداً: الالتفاف حول الرئيس والانصياع التام لأوامره أمر لا يمكن التفريط به، مهما كانت أوامر وقرارات الرئيس”.
وبهذا يكون التحالف العربي قد أوضح موقفه بعدم تدخل قيادة دول التحالف باي قرار للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي حفاظاً على السيادة الوطنية لليمن مؤكدا في ذات الوقت ان مهمته إنهاء الانقلاب وعودة الشرعية لليمن الشقيق.
قرارات تخضع لتوازن القوى الوطنية
ويرى بعض المحللين ان القرارات الرئاسية جاءت في أوضاع استثنائية وانها تعتبر استحقاقات رئاسية بعد تقييم رئيس الجمهورية لأداء المسؤولين رغم انها تأتي متقطعة إلا انها تخضع لتوازن القوى الوطنية.
ويقول أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء الدكتور عبد الباقي شمسان إن «قرارات الرئيس عبدربه منصور هادي تأخذ جدلا كبيرا مع كل رزمة من قراراته لأنها متقطعة، وتخضع لتوازن القوى الوطنية، علاوة على عامل المحاصصة، وهذا يخلق جدلا واسعا» ويضيف معلقا على تبديل محافظ عدن وإقالة الوزير بن بريك وإحالته إلى التحقيق بالقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا بد من تجميع السلطة في يد رئيس الجمهورية بصفته رئيسا للجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة»، ثم يؤكد ضرورة «تكامل يرتكز على قاعدة أن تقوية السلطة الشرعية هي قاعدة استعادة السلطة» في اليمن.
من جانبه اعتبر المحلل السياسي ياسين التميمي بأن قرارات الرئيس هادي الاخيرة” «لامست احتياجاً الحكومة أو على مستوى السلطة المحلية في عدن٬ فالعاصمة المؤقتة أكثر ما تحتاجه هو تطبيع الأوضاع لنجاح السلطة الشرعية الأمنية والمعيشية وتهيئتها لتكون قاعدة إعادة العافية للحمة الوطنية للدولة وملاذا للسلطة الشرعية ونموذجاً والتحالف في استعادة الدولة وتعميق الش اركة الوطنية والانتصار للمواطنة في ظل دولة القانون»