رجاءً … إلى هنا ويكفي (١-٢)

- ‎فيكتابات

ليس هناك حكومة أو سلطة منتخبة أو غير منتخبة بدون أخطاء، ولا يوجد إنسان لا يخطىء، قراراتنا التي اتخذناها بما فيها قرارات التعيينات حرصنا كل الحرص فيها على القانون، وراعينا فيها ظروف الحرب والهجرة القسرية لمعظم القياديين الذين قاوموا الانقلاب، وحافظنا في هذه التعيينات على تكتل سياسي في الحكومة كاد أن يسقط.

النيران الصديقة التي تهاجم ليست على حق، ولا تدرك الحقيقة كما هي، لم تجد هذه الهجمة غير التعيينات الإدارية، وهي حملة شعواء ومهولة ومغلوطة ومقصودة. وللأسف نحن في حالة حرب ولذلك يتعذر علينا الرد على كل ملاحظة وعلى كل شاردة وواردة، ولكننا مضطرين أن نقول بعض الحقائق الآن : أما نيران العدو فنحن كفيلون بصدها، وهي لا تضرنا مثلما تضرنا نيران الأصدقاء!

هذه الحكومة ساعدت واستعادت شيئاً فشيئاً أركان الدولة المنهارة، إن كان على المستوى السياسي أو العسكري أو المالي، وحتى نكون منصفين فكل ما حدث من تحول وتطور فيما يتعلق بإعادة بناء الدولة من جديد إنما حدث بقيادة الرئيس وبتعاون ودعم سخي في الجانب العسكري تحديداً وجانب الإغاثة الإنسانية من الأشقاء في المملكة والإمارات.

 

يكفي أن نذكر أن الركن المالي للدولة قبل أن تتسلم هذه الحكومة مهامها كان في حالة تدهور شديد، باستثناء مرتبات القلة القليلة في الرياض، وتكفي الإشارة هنا أن الحكومة لم تكن تملك رصيداً ولا مالاً ولا سيولة نقدية قبل عام ونصف. وكانت عاجزة عن دفع مرتبات جنودها الذين يقاتلون العدو في جبهات الصمود، أو موظفيها الذين وقفوا يدعمون نهج قيادتها في التصدي للانقلاب. وكانت قبل عام ونصف عاجزة عن دفع المال للمستشفيات التي تعجّ بالجرحى، وكانت الشوارع مليئة بالنفايات في العاصمة ومدن المحافظات.

 

ويجب أن يكون معلوماً للجميع أن لائحة المرتبات التي يهاجمنا الأصدقاء بها، وكلهم ممن يستلمون مرتبات من الحكومة هي لائحة قديمة، ولا دخل للحكومة بتفاصيلها، وإذا لم تتمكن الحكومة من تعديلها وتصحيح بعض بنودها فذلك لأن ظروف المهجر غير ظروف البلد، والحكومة غير مسئولة عن أمور أخرى أشرفت أو تشرف عليها جهات أخرى، نحن مسؤولون فقط عما ورد إلى حساب الحكومة، وإلى خزينة الدولة ولا مزيد هنا فالمزيد سيكون خدمة مجانية للحوثيين وصالح.

وهذه الحكومة التي تتعرض لهجوم الأصدقاء أعادت لقانون المناقصات قيمته وإلزاميته، وقد كان هذا القانون حائط الصد الأول ضد الفساد وكان قبلها نسياً منسياً، وقد ألزمت الحكومة شركة المصافي وشركة النفط والمطار والميناء والمياه والصحة بالعمل بموجبه وهذه الحكومة أحيت مؤسسات دولة استلمتها منهارة دون مقرات ودون مرتبات للموظفين وموازنات، ودون حماية وأهمها القضاء في العاصمة عدن وفي معظم المحافظات التزمت بحقوق القضاة فأوفت، وتعمل على حمايتهم.

 

وهذه الحكومة عززت بتعاون ودعم من التحالف وتحديداً المملكة والإمارات أمن العاصمة عدن واستعادت شيئاً فشيئاً استقرارها، عاصمة كان القتل والنهب والاعتداء والكوليرا سمة الحياة فيها في اليوم الذي استلمت هذه الحكومة مهمتها، فعملت قدر المستطاع على  تغيير  أوضاع المدينة نحو الأفضل دونما استخدام للقوة والعنف وأيضا بدعم من الرئيس والأشقاء في الإمارات وبتعاون من أهلها والمحافظات المجاورة لها. ونحن مع غيرنا ممن دعا لعودة  مجلس النواب للانعقاد والعمل، ولا زلنا نُصر ونُهيئ الظروف لذلك بتوجيه الرئيس ونراه عملاً ضرورياً.

 

كافحنا وسنكافح بالوسائل السلمية وعبر فرض القانون كل مظاهر التعصب والعنصرية، لذلك رفضنا التهجير القسري للمواطنين وعملنا بمسؤولية على تبيان مخاطر التعصب المناطقي المضر بأهله قبل الآخرين، ورفعنا علم الدولة حرصاً على هوية الجنوب اليمني في الوقت الذي تنازل فيه الآخرون عن هذه الهوية.

 

وأعترف أننا دون غيرنا اتخذنا من الإجراءات المالية ما يحمي أعضاء مجلس النواب والشورى وسياسيين وإعلاميين وأعضاء الهيئة الوطنية ووزراء سابقين وعائلاتهم  ونازحين مرغمين على النزوح ممن اضطروا للهجرة فرارا من بطش العدو، بمبادرة منا أو بتوجيه صريح من الأخ الرئيس أو بكليهما معاً، فإن كان ذلك فساداً فوالله إننا وهؤلاء لا نستحق شرف البقاء في الصفوف الأمامية لمواجهة الانقلاب. هذه إجراءات كانت حقاً لهؤلاء الشرفاء جميعاً، وواجباً علينا نحن في حكومة إزائهم.

 

يهاجمنا إعلام الحوثيين وإعلام صالح، يهاجمنا الإعلام المحسوب على التطرف بأنواعه وأشكاله المختلفة ويهاجمنا أنصار الحوثيين وصالح في المنظمات الدولية، وفي الإعلام العربي المناهض للشرعية وللتحالف والآن يهاجمنا الإعلام الصديق أو بعضه للإنصاف. لكن أسوأ هجوم ذاك الذي استهدف أشخاصنا، أكاذيب حول ترتيبات عائلية، وأخرى مناطقية وثالثة سياسية وعلى وزير المالية نشر قوائم الموظفين كاملة حتى تظهر الحقيقة كاملة للناس.

وحتى نضع حداً للأكاذيب والإشاعات المغرضة وحتى لا يتفوه واحد ليقول لنا نهبتم نفط حضرموت، وحتى تقال الحقيقة حول التعيينات العائلية التي يتم الهجوم علينا بسببها، لغرض في نفس  يعقوب، وحتى تنشر الحقيقة حول ما طبع من عملات في المطابع الروسية، وما نقل منها وكيف استخدم، نقول لوزير المالية ومحافظ البنك المركزي الأخوين احمد الفضلي ومنصر القعيطي وهما أهلاً للثقة نقول لهما اجعلا أعضاء مجلسي النواب والشورى في صورة ما يجري مالياً ومصرفياً، ليس هناك ما يخفى، وانشرا كما تفعل حكومات العالم الحقائق حول عملكما المالي والمصرفي.

 

ينبغي بكل صدق أن يكون أعضاء مجلس النواب من كتلة حضرموت وبقية أعضاء المجلس على اطلاع بإيرادات النفط في حضرموت، وأين ذهبت إيرادات حضرموت من النفط، وكم ذهب منها للمحافظة، وكم بقي في خزينة الدولة، وكم ذهب من أموال من خزينة الدولة للمحافظة من إيرادات أخرى. وكل ما وجه لأغراض صرف المرتبات، والمشتقات النفطية التي تلتهم معظم الإيرادات، والتنمية في عدن وفي حضرموت ومأرب وكل المحافظات المحررة وأبلغا الشعب الحقيقة -كل الحقيقة- عما يجري ففي ذلك ردٌ على كل المتخرصين.

 

إن مخاطر حقيقية تحيط ببلادنا، وبقضيتنا، وإذا لم ننتبه لما يجري حولنا، وكررنا أخطاء الماضي سنقع في المحذور، لنتذكر أسباب الأزمة والانقلاب ولنتعمق في نتائجها ومآلاتها، وإذا فكرنا بحرية وتجرد فيما جرى فإننا نستطيع استخلاص الدروس من التجربة. ليس أمامنا ترف العبث بهذا التكتل الوطني الذي نشأ حول الشرعية، رافضاً للانقلاب، رافضاً للإمامة، متمسكاً بالجمهورية ومشروع الدولة الاتحادية، ليس لدينا هذا الترف المدمر، والله من وراء القصد.