لا تزال عودة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إلى اليمن في طور المستحيل، خاصة بعد التطورات الأخيرة التي شهدتها العاصمة المؤقتة عدن، وخذلان التحالف العربي للرئيس في تمكينه من العودة إلى هناك وممارسة مهامه كما يفترض.
ومنعت الرياض في وقت سابق الرئيس هادي من السفر إلى عدن، بحجة وجود أسباب أمنية تحول دون سفره، فيما سمحت لرئيس الوزراء بالوصول إلى هناك، والذي عاد إلى الرياض مرة أخرى، بعد أشهر قضاها متنقلا بين المحافظات الجنوبية.
وخلال الثلاثة الأعوام الماضية ظل هادي في عدن لفترات قليلة قياسا بفترة بقائه الطويلة في العاصمة السعودية الرياض، حيث مقر إقامته.
وأثار بقاء الرئيس هادي في الرياض وعدم عودته الكثير من التساؤلات عن الدور الذي تمارسه دول التحالف العربي، التي زعمت أنها جاءت لإعادة شرعية الرئيس هادي، فيما لم يتم تحقيق أي نجاحات ميدانية تسهل عودته إلى اليمن.
ويعتقد مراقبون للشأن اليمني أن عدم عودة هادي إلى عدن تخدم القوى الانقلابية، التي عملت على إزاحته من الحكم وانقلبت عليه قبل أعوام، وهو ما ظهر واضحا في حديث ناطق جماعة الحوثي محمد عبدالسلام لقناة الجزيرة، الذي سخر من عدم بقاء هادي في عدن، واعتبر ذلك فشلا للتحالف العربي.
أجندة تضر باليمن
وفي هذا الإطار يعلق المحلل السياسي ياسين التميمي بالقول “حتى هذه اللحظة لا نعلم ما إذا كانت الرياض تسير على ذات الخط الذي سلكته أبو ظبي منذ وقت مبكّر فيما يخص الموقف من الرئيس هادي وحكومته”، في إشارة إلى عدم دعم الإمارات للشرعية.
ويعتقد في حديثه لـ”الموقع بوست” أن التحالف يتعامل بقدر من عدم الاكتراث مع السلطة الشرعية، بل ويتعامل بحزم أحيانا لمنع الشرعية من اتخاذ القرارات والإجراءات التي تعزز سلطتها، وتكرس الدولة اليمنية الاتحادية التي أقرها مؤتمر الحوار الوطني.
واستغرب من منع السعودية عودة الرئيس هادي إلى عدن بضغط من أبو ظبي التي تتبنى موقفا عدائيا منه، في الوقت الذي تنتهج الرياض معه المرونة التي تمليها مصالحها لا أكثر، حسب تعبيره.
ويبدو لـ”التميمي” أن ظروف انتقال السلطة في المملكة، وفر مساحة واسعة لأبو ظبي لكي تتخذ مواقف على ساحة الحرب اليمنية، تتناقض تماما مع المهام المحددة للتحالف العربي في هذا البلد.
وأكد أن “ما نراه اليوم في المحافظات المحررة هو مجازا احتلالٌ صارخ، يتكرس كل يوم ويفرض شروطه ومعطياته على الأرض”، مستدركا “ويكفي أن الرئيس هادي لا يستطيع العودة إلى عدن وكذلك نائبه وحتى محافظ عدن”.
وتابع “لم يعد خافيا أن التحالف يتبنى أجندة احتلالية صارخة، تقوده إلى تبني خيارات جديدة فيما يتعلق بمعالجة الأزمة والحرب”.
وتلك الأجندة -وفق التميمي- لا تلتزم المصالح الوطنية العليا لليمن، ولا متطلبات الأمن والاستقرار والتعايش المستدامة، وهي نفسها الأجندة التي تبقي الرئيس هادي رهن المنفى الإجباري في الرياض.
تباين الرؤى
ومنذ مارس/آذار 2015 تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية من أجل القضاء على الانقلاب واستعادة الشرعية، لكن مع مرور الوقت بدأت تتباين رؤى بعض الدول المشاركة في التحالف، وأدى -بحسب مراقبين- إلى تعثر استعادة الدولة الأمر الذي استفاد منه الانقلابيون وعملوا على التسويق لأنفسهم.
وبالنسبة للمحلل السياسي محمد الغابري، فيرى أن هناك ضبابية كثيفة بشأن منع الرئيس هادي من العودة إلى عدن، ويظل السبب الحقيقي مجهولا، وتكثر التأويلات في هذا الشأن.
وعزى لـ”الموقع بوست” سبب تأخر عودة هادي إلى عدن، إلى اضطراب الرؤية لدى الرياض وأبوظبي فيما يخص الشرعية.
وبيَّن أن الإمارات والسعودية لم تستقرا على رؤية محددة لما بعد العودة، أو أن لديهما خطط وإجراءات قيد الإعداد، أو صفقات ومساومات تجري ولم تصل إلى نتائج بعد.
لكنه أكد في ختام حديثه بأن التحالف العربي الذي جاء للقضاء على الانقلاب، اكتسب شرعيته من الشرعية التي يمثلها الرئيس عبدربه منصور هادي.
طي صفحة هادي
بدوره يقول الكاتب الصحفي محمد السامعي، إن دول التحالف باتت على الأرجح مصممة على طي صفحة هادي كمقدمة لاتفاق سياسي مرتقب مع الحوثيين وحلفائهم، غير أنه لم يتم حتى الآن لاعتبارات لها علاقة بالمناخ السياسي المتوتر في الخليج وفي صنعاء.
وأضاف لـ”الموقع بوست” أن هادي يريد العودة لعدن بشكل عاجل، فاستمراره في السعودية يظهره أمام الرأي العام اليمني كرئيس ضعيف لا يستطيع التحرك، وهذا ما تريده دول التحالف التي تسعى إلى تحويل هادي كشخصية سياسية لم يعد لها قيمة كبرى، ومن ثم محاولة خلق شخصيات فاعلة بديلة.
وتوقع أن يكون هناك مشروع قد يتم إقراره خلال الأشهر المقبلة، يتم من خلاله الاتفاق بين طرفي الصراع على الاستغناء عن حكم هادي الذي لم يعد مرغوبا فيه لدى التحالف خصوصا الإمارات، مشيرا إلى أنه قد يتم الإعداد لشخصية توافقية تحل محل هادي كقائد فعلي للبلاد، وربما يعقب ذلك اختيار أحمد عبيد بن دغر أو خالد بحاح.
ووفقا لـ”السامعي” فإن استمرار بقاء هادي في السعودية، يساعد على استمرار الإعداد لذلك المشروع ومن ثم تنفيذه بعد إجبار الرئيس اليمني على التوقيع عليه، كونه لن يستطيع حينها الرفض سيما أنه في بلد آخر يعيش حالة شبيهة بالإقامة الجبرية.
(الموقع بوست)