نصر طه : الضرورة الوطنية تحتم بقاء حزب صالح متماسكا

- ‎فيأخبار اليمن

اعتبر نصر طه مصطفى، مستشار الرئيس اليمني، أن “الضرورة الوطنية تحتم بقاء حزب المؤتمر الشعبي العام متماسكا كتيار سياسي وطني وسطي”، بعد مقتله زعيمه الرئيس السابق، علي عبد الله صالح (1978-2012)، داعيا قادة الحزب إلى “الحيلولة دون انقسامه، وإعادة صياغته كحزب سياسي غير مرتبط بشخص مؤسسه ولا بشخوص عائلته”.

وتتزايد تكهنات في الشارع اليمني بشأن مصير حزب المؤتمر، بعد مقتل صالح (75 عاما)، في 4 ديسمبر/ كانون أول الجاري، برصاص حليفته جماعة “أنصار الله” (الحوثين)، التي كان يحارب معها القوات الحكومية، منذ عام 2014.

وفي مقابلة مع الأناضول، قال مصطفى إنه “من الصعب الحديث عن انتهاء حزب المؤتمر بانتهاء زعيمه”.

وتابع: “رغم ارتباط الحزب بالرئيس الراحل على امتداد خمسة وثلاثين عاماً، لكن (المؤتمر) له حضور جماهيري واضح، ويصعب تجاهله، وله كتلة نيابية كبيرة ما تزال قائمة، والأهم من ذلك أن المؤتمر هو الحاضن السياسي لكل أو لمعظم الذين يحبون أن ينظموا أنفسهم في تيارات غير مؤدلجة أو الذين لا يحبون الانضواء ضمن أحزاب حديدية إسلامية كانت أو يسارية قومية أو أممية”.

ورأى أن “الضرورة الوطنية تحتم بقاء المؤتمر متماسكا كتيار سياسي وطني وسطي، وإن لم يستمر سيخرج من رحمه بكل تأكيد تيار جديد بالمواصفات نفسها يعبر عن الغالبية العظمى من المواطنين، الذين أرهقتهم صراعات التيارات الأيديولوجية”.

ودعا مستشار الرئيس عبد ربه منصور هادي القيادات المؤتمرية “سواء من كان منها في مواقع قيادية في الدولة، كالرئيس ونائبه ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب أو من كان خارج المواقع الرسمية، سواء كانوا في الداخل أم في الخارج، إلى لملمة صفوف الحزب، والحيلولة دون انقسامه، وإعادة صياغته كحزب سياسي غير مرتبط بشخص مؤسسه ولا بشخوص عائلته”.

** التوازن السياسي

وحول قضية التوازنات السياسية في المرحلة الراهنة، قال مستشار الرئيس اليمني: “يصعب الحديث عن توازن سياسي في ظل حرب قائمة؛ فصوت المدفع والبندقية حالياً يغطي على صوت السياسة”.

ومضى قائلا إن “معطيات ومؤشرات التوازن كانت قد بدأت تتشكل منذ بدأ تنفيذ المبادرة الخليجية أواخر ٢٠١١ بتشكيل حكومة الوفاق الوطني، برئاسة (محمد سالم) باسندوه، وانتخاب الرئيس هادي، وخروج الرئيس الراحل علي عبد الله صالح من السلطة، والذي بدأ يعمل فعلياً على تحويل المؤتمر إلى حزب حقيقي غير مرتبط بالسلطة”.

وأضاف: “صالح كان يقول دائماً خلال وجوده على رأس السلطة إن مهمة المؤتمر الرئيسية هي أن يكون (حصادة أصوات في الانتخابات)، لكنه بعد ٢٠١١ اكتشف أن بقاء المؤتمر وصموده مرهون بإعادة صياغته كحزب سياسي متماسك غير مرتبط بالسلطة”.

وتابع مصطفى: “لذلك عمل صالح على صياغته كحزب معارض، رغم أنه كان يستحوذ على نصف حقائب الحكومة وغالبية البرلمان ومعظم المحافظين، فصالح اعتبر أن المؤتمر هو ورقته السياسية الأقوى في هذه المرحلة بعد قرارات هيكلة الجيش وتضاؤل نفوذه فيه شيئاً فشيئاً واستبعاد أقاربه من المواقع القيادية فيه”.

وجدد دعوته قيادات حزب المؤتمر إلى “مواصلة خطوات تحويل المؤتمر إلى حزب سياسي متماسك غير مؤدلج وغير مرتبط ارتباطاً كاثوليكياً بالدولة، فاستمرار المؤتمر كحزب سياسي مؤثر وقوي سيكرس التوازن السياسي المنشود”.

واستطرد: “كما أن مما سيكرس هذا التوازن هو بلورة تيار سياسي وطني آخر مواز غير مؤدلج ومنافس للمؤتمر على نمط الديمقراطيات العريقة، فالبلد بحاجة أن يستريح من التيارات الأيديولوجية بمختلف اتجاهاتها”.

** شتات الحرس الجمهوري

ومنذ مقتل تصالح عاد الحديث عن قوات “الحرس الجمهوري”، التي كانت موالية للرئيس الراحل، إلى صدارة المشهد الإعلامي، في ظل تكهنات متصاعدة بأن هذه القوات ستقف إلى جانب الجيش الحكومي.

ما علق عليه مستشار الرئيس اليمني بقوله إن “الحرس حاليا كأفراد مشتتين، ولم يعد موجودا كتشكيلات منظمة كما عهدناها حتى 2014”.

وأضاف أن الحرس “ظل متماسكاً حتى ذلك الحين، وإن بمسميات أخرى فرضتها الهيكلة الجديدة في حينه، لكنه ظل موجوداً كألوية ووحدات منضبطة”.

وشدد على أن “غالبية تشكيلات الحرس تشتتت بعد الانقلاب (اجتياح الحوثيين لصنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014)، لأسباب مختلفة، منها رفض الكثير منهم الانسياق مع الانقلاب؛ بسبب ولائهم للنظام الجمهوري، وتأثرهم بالتعبئة الفكرية الكبيرة التي تم شحنهم بها ضد الحركة الحوثية وجذورها الفكرية خلال الحروب الستة (بين الدولة والحوثيين) بين عامي ٢٠٠٤ و٢٠١٠”.

واعتبر أن من ضمن أسباب التشتت هو “انصراف غالبيتهم إلى البيوت؛ بسبب وقف صرف الرواتب، وابتعادهم كلياً عن الميدان العسكري، وفي تقديري أن القليل منهم قبلوا العمل مع الحركة الحوثية كأفراد، وليس تشكيلات كاملة”.

ورأى أن هذا الشتات “لن يكون له أي تأثير إيجابي في موازين القوى لصالح (الحكومة) الشرعية في إطار المعركة القائمة حالياً”.

وشدد على أن “الحديث عن وحدات منتظمة من الحرس تقاتل اليوم مع الشرعية حديث لا صحة له مطلقاً.. ويمكن إعادة بعض هذه التشكيلات في مرحلة ما بعد إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة، ضمن عملية إعادة تشكيل القوات المسلحة، بموجب مخرجات (نتائج) مؤتمر الحوار الوطني”.

** “صمود” الحوثيين

وتحدث مستشار الرئيس اليمني عن “اختلالات” جعلت الحوثيين، المتهمين بتلقي دعم عسكري من إيران، يتماسكون حتى اليوم أمام القوات الحكومة المدعومة من تحالف عربي، تقوده السعودية، منذ 26 مارس/ آذار 2015.

وقال إن “الخلل ناتج عن التهاون في الحسم العسكري، وكثرة الحسابات السياسية، التي أعاقته خلال الفترة الماضية”.

ومن بين هذه الحسابات، وفق مصطفى، “عدم وضوح الترتيبات المستقبلية لمرحلة ما بعد الحسم، واختلاف الرؤى حولها في الأطر الوطنية والإقليمية.. وفوق ذلك فإن استمرار سيطرة الانقلاب على العاصمة هذه السنوات الثلاث، وهي ليست قليلة، قد زاد من قوة الانقلابيين ونفوذهم وصمودهم”.

واعتبر أن “مجريات الأحداث أثبتت أن الحكومة الشرعية ظلت وستظل ضعيفة في أدائها، طالما ظلت بعيدة عن مؤسسات الدولة المتمركزة في صنعاء، فضعف أداء الحكومة ليس لإشكالية في ذاتها، بل لأنها بعيدة عن مؤسساتها وأجهزتها وأدواتها، وعندما تعود الحكومة إلى صنعاء سيمكننا تقييم أدائها وأداء وزرائها كل على حدة بشكل موضوعي”.

وشد على أن “صمود الحوثي ليس ناتجاً عن عوامل ذاتية، بل هو ناتج عن الاختلالات التي تحدثت عنها، وهي في تقديري قيد المعالجة الجادة اليوم على مختلف الأصعدة”.

وختم مصطفى بقوله: “يمكنني القول إن هناك اليوم قراراً سياسياً نهائياً وقاطعاً لدى التحالف العربي بضرورة الحسم، وإنهاء الانقلاب، واستعادة الدولة، ووقف الحرب، فلم يعد من مصلحة اليمن ولا الإقليم ولا العالم أن يمتد أمد الحرب أكثر؛ بسبب تأثيراتها السلبية الكبيرة على الجانب الإنساني”.

وجراء الحرب بات 21 مليون يمني (حوالي 80% من السكان) بحاجة إلى مساعدات إنسانية، فيما يفتقر قرابة 15 مليون شخص إلى الرعاية الصحية الكافية، فضلاً عن مقتل وجرح عشرات الآلاف من المدنيين، وتشريد نحو ثلاثة ملايين آخرين، وفق الأمم المتحدة.