لم يعد خافيا على أحد ونحن في القرن الواحد والعشرين أن أساس نهضة الشعوب وتحررها من كافة مظاهر الضعف والتخلف والاستبداد وكافة صور الظلام الفكري والمعرفي والسلوكي هو التعليم الحديث..! من هنا يتأكد لدى المتابعين للمشروع الكهنوتي الحوثي المتخلف سر استماتتهم في السيطرة والهيمنة على أهم مؤسسات بناء المجتمع وحمايته من وهم الخرافات ومسالك العبودية المقننة بحلة الاستبداد المعرفي المقزز المتمثل في المدرسة التي يتبناها الإماميون الجدد ذات النزعة الاقصائية في علاقتها مع الآخر.
وأعتقد جازماً ومن موقع المتخصص أن المعركة الأهم والأخطر في العدوان البربري الغاشم الذي شنه الإنقلابيون ومن لف لفهم على الشعب اليمني تستهدف في الأساس العقل المفكر ومنبع المعرفة التنويري الذي يعد أهم مقومات بناء المجتمع والدولة على أساس المواطنة المتساوية ومبدأ تكافؤ الفرص، لذلك ندرك تماما سر عربدة الحوثي في المجال التربوي ومحاولة إفراغ مؤسسة التربية والتعليم من محتواها، مناهج, وكادر ومؤسسات”ليتسنى له تمرير مشروعه العنصري” للاستحواذ والهيمنة علی العقل اليمني الموصوف غالبا بالفقر المعرفي قبل الاقتصادي والمعيشي نتيجة التجهيل الممنهج وعدم الاهتمام بالتربية والتعليم علی مدی عقود ثلاثة مضت !!
إن ممارسات الحوثي اللامسؤلة وغير واعيه تجاه أهم فئة تتبنى ووفق مشروع وطني مدروس بناء الإنسان بناءً اعتداليا غير عنصري ولا متطرف هي آخر طلقة في جعبة الظلاميين الذين لا يستطيعون العيش والمنافسة إلا في بيئة ثقافية أحادية منغلقة لا تستطيع التعايش مع الآخر إلا في ظلال القتل والدمار والاستعباد والانتقام ورؤية الآخر بانتقاص.
ومن خلال الرصد الدقيق لمسيرة الدماء والدمار الحوثية لا يمكن للمتابع رصد ملامح مشروع ثقافي برؤية وطنية يمكن تقديمه للمنافسة به مع بقية المشاريع الوطنية الأخرى سوى تلك النظريات البالية”القديمة” التي أنتجت وعلى مدى ألف عام من تاريخ اليمن غير عناصر حاقدة لا تجيد سوى تجديد شلالات الدماء وإبقاء الإنسان عبدا لكهنة المعبد مع ديمومة استباحته أرضاً وعرضاً وكرامة, لا خيار له في الحياة غير ما يتلقفه من أفواه الدجالين .
وإذا كان موضوع التربية ومكوناتها يمثل الأهمية القصوى في المشروع الوطني الجامع لكافة أفراد ومكونات الشعب اليمني ! فما الذي يمكن القيام به من قبل العقلاء في اليمن عموماً وسلطات الدولة خصوصا المتمثلة في الشرعية الذي يجب ان تتحمل المسؤولية التاريخية والأخلاقية لحماية أهم وأخطر معاقل الثورة السبتمبرية المتمثل في حقل الثقافة والمعرفة, وبناء الأجيال القادمة وحمايتها من التضليل والتزييف الممنهج.
وبعد كل الحماقات والأحقاد والجرائم الجسيمة في حق الشعب من قبل الفئة الباغية العنصرية يدفع الجميع إلى جبهة الرفض والتصدي للفكر الخرافي والثقافة الملغومة بكافة أنواع الحقد والكراهية لمنع تسلل المزيد من مثل هكذا أفكار إلی قلوب وعقول من لا يملكون أبسط مقومات المعرفة لتحصين أنفسهم من سرطان الكهنوت ووباء الملالي، وليتسنی لهم قبول مثل هكذا مناهج لتفادي آثارها الكارثية على أمن وسلامة واستقرار ومستقبل اليمن أرضا وانسانا وهوية .
إن المعركة التي يخوضها معلمو ومعلمات اليمن تعد الحلقة الأخطر والأهم في سلسلة الحرب التي يخوضها الشعب ضد الكهنوت باسم الدين والولاية وأهل البيت والسلالة وهم من كل ذلك براء. كما تعد هذه المعركة الفيصل والحكم في جولات الصراع مع الظلاميين والمستبدين ..ومن منطلق المسؤولية التاريخية والأخلاقية والوطنية يجب على كل يمنى حر ومدرك لخطورة المشروع الامامي الوقوف بحزم وصرامة أمام زحف ملالي كهوف مران, قبل أن ينفثوا سمومهم في قلوب وعقول الأجيال القادمة, وضرورة تبني رؤية رسمية وشعبية لحماية آخر قلاع الجمهورية والثورة السبتمبرية المجيدة, وذلك بالرفض القاطع للغثائية الثقافية مع ضرورة بيان خطورة مثل هكذا مشروع عبثي لايراعي قيم المجتمع اليمني وهويته وارتباطه التاريخي بالإسلام كدين يأمر بالتسامح لا علی القتل والكراهية .!
إنها صرخة مدوية في أذن الأحرار بأن يداركوا عقول الاطفال لحماية أجيال المستقبل من الانهيار الشامل والكامل والسقوط المدوي في قاع مستنقع العنصرية والعبودية ! أو يتحولوا الى قنابل موقوتة تدمر كل شيء بأمر الملالي حينها لن يجد الصامتون والمتخاذلون وأصحاب أنصاف الحلول مكانا للوقوف ولو للحسرة والندم في أرض تبلغ مساحتها أكثر من نصف مليون متر مربع يسعی الحوثي لاختزالها في ابهامه الأنانية التي ما فتئت تهدد قوما أهل عزة واباء …..أنقذوا التعليم من عبث الاوغاد .