الحوثيون وبنية السلوك الفاسد

- ‎فيكتابات

برز الحوثيون كقوة مذهبية وعسكرية مع اندلاع الحرب الأولى بين حسين بدرالدين الحوثي والجيش اليمني عام 2004 جراء تفاقم الأزمة بين حسين الحوثي وعلي عبدالله صالح رئيس اليمن السابق. ودخل الفريقان ست حروب. ولا أستبعد أن عاملاً خارجيًا تدخل لصالح الحوثيين تمثل في حكومة إيران الطائفية، لأننا شهدنا تطورات طالت المذهب الزيدي وطالت أيضا بنية الخطاب الزيدي، وهي كلها تطورات فكرية وعسكرية لم تكن معروفة في الساحة اليمنية عن الحوثيين. وما برز في تلك الحقبة الزمنية خطاب تعميق الرابط الطائفي الذي سمح للحوثيين بالانفتاح على الثقافة المذهبية الاثني عشرية، وتوظيف ذلك الخطاب المذهبي لتعزيز الروابط بين الحوثيين وإيران، وكذلك بناء المنظومة الفكرية والعسكرية والإعلامية.

ومن النتائج على التقارب الحوثي – الإيراني اتخاذ الحوثيين اسمًا جديدا لحركتهم لم يكن واردًا في خطابهم الإعلامي أو الفكري منذ بزوغهم على الساحة اليمنية، لقد أطلقوا على حركتهم: حركة أنصار الله، ما يشير إلى الأيدي الإيرانية التي ترغب في تأسيس ذراع مذهبية سياسية عسكرية في اليمن على غرار حزب الله في لبنان.

لقد انتبه بعض المعارضين للحوثيين في وقت مبكر للتغيرات التي طرأت على بنية الخطاب الحوثي، ولذا وصفوه بأنه خطاب تمردي ونازي وعنصري واقصائي، لكن الحكومة اليمنية وكثيرا من الفعاليات المدنية لم يستمعوا لرأي القلة من المفكرين اليمنيين عن خطورة التغيّر الذي طرأ على حركة الحوثيين.

كان المد الشيعي الإيراني على أشده، وقد أشار بعض الكتاب اليمنيين مثل: عبدالفتاح البتول في كتابه: خيوط الظلام إلى خطورة الفكر الحوثي الجديد المغموس في وحل النفوذ الإيراني المذهبي، واستنكر الزواج غير الشرعي بين الحوثيين الزيدية بالاثني عشرية الشيعية. وأقول إن الحوثيين زيدية من الناحية السياسية، وهم خليط بين اليسار واليمين، أما المذهبية الحقة فهم ليسوا زيديين، ولكنهم خليط من الزيدية وتعاليم قم، كما أن قادتهم اتجهوا بداية لحزب الله اللبناني الذي كان البوابة للوصول إلى إيران. وشربوا حتى الثمالة من الفكر المذهبي الإيراني الذي يمتاز بصفات نجدها واضحة أينما وُجِد.

تغيّر سلوك الحوثيين بعد أن لبسوا عباءة المذهب الإيراني. وقد لاحظ عدد من الكتاب اليمنيين وغير اليمنيين سلوكًا حوثيًا يتصف بصفات ذميمة منها: الغدر والمكابرة والكذب البواح، وعدم تطبيق ما يتفقون بشأنه، والخيانة الوطنية عندما اتفقوا سرًا مع إسرائيل لتهجير تسعة عشر يهوديًا يمنيًا، بينما يرفعون شعار إيران الكاذب: الموت لأميركا وإسرائيل. ولاحظ آخرون أنهم يتصفون بالغباء، لأنهم يعتقدون أن من سواهم غبي لدرجة لا يمكن أن يلحظ تلونهم وكذبهم. ورصد آخرون تصرفات تنم عن فساد خلقي واستهانة بالدين والخُلق العربي، مثال ذلك نهبهم لمؤسسات الدولة اليمنية عندما سيطروا على صنعاء وتعز وعدن. وقد اعتنقوا: التقية المذهبية الفارسية من أجل تحقيق مصالحهم التي لا يستطيعون تحقيقها بالقوة. مع العلم أن التقية ليست من قواعد المذهب الزيدي.

وقد وصفهم بصدق الكاتب اليمني يحيى الجبيهي بأنهم يصومون عن المعروف ويفطرون بالمنكر. وسبب هذا الوصف يعود لكذبهم ومكرهم، فهم عندما يقبضون على شخص معارض لهم يقولون له ولأسرته إنه في ضيافتنا ليوم أو بعض يوم، من اجل بعض الاستفسارات، ثم لا يعود المقبوض عليه لأنه سجن إلى الأبد أو قُتل. ومن أمثلة كذبهم الصريح أنهم وافقوا ووقعوا على مخرجات الوفاق الوطني، ووافقوا ووقعوا على نظام الأقاليم الستة، ووافقوا ووقعوا على ما يسمى بالسلم والشراكة مع الرئيس هادي عندما دخلوا العاصمة صنعاء، بل وأجبروا الآخرين على التوقيع عليها. والنتيجة أنهم أنكروا كل ما وقعوا عليه ورفضوا ما وافقوا عليه.

وقد تعهدوا بالمحافظة على مكاسب الدولة وبتسليم كل ما في حوزتهم لحكومة بحاح، وفي النهاية حاصروا الرئيس هادي، وألغوا الحكومة الشرعية.

لقد استوردوا افكارًا وسلوكًا لم يكونا معروفين في اليمن مثال ذلك: صنع طبقة مذهبية عليا تتميّز عن بقية طوائف الشعب اليمني حتى الذين يقاتلون معهم. فالقتيل منهم يسمونه قنديلا، والقتيل من الطبقات الأخرى يسمونه زنبيلا!.

لقد سئم الشعب اليمني بكل مكوناته، ويتطلع الشعب إلى اليوم الذي تتخلص فيه اليمن من هذه الزمرة الفاسدة، والتي لا تمت لإيمان اليمن وأخلاقه العربية بصلة.