استطلعت “إيلاف” آراء عدد من المهتمين والمحللين حول التفجيرات التي شهدتها مدينة عدن مساء امس الاول، حيث اتفقت الغالبية على تحميل “ميليشيات الانقلاب” مسؤولية تلك التفجيرات.
عدن: دانت شخصيات اجتماعية وسياسية وثقافية في مدينة عدن الهجمات الارهابية التي تعرضت لها المدينة مساء الجمعة، وخلفت عشرات القتلى والجرحى من المدنيين.
وكان ما لا يقل عن 22 شخصًا قتلوا الجمعة في ثلاثة تفجيرات انتحارية بواسطة سيارات مفخخة استهدفت نقاط تفتيش تابعة للقوات الموالية للحكومة غرب عدن.
وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي خلال الاربع والعشرين الساعة الماضية الحادثة بالاستنكار والتنديد والتضامن مع ضحايا هذه التفجيرات، ومطالبة السلطات الحكومية والأجهزة الامنية الاستمرار في تنفيذ الخطة الامنية والقضاء على “الخلايا الارهابية” في المدينة.
واتهم محافظ عدن عيدروس الزبيدي الرئيسَ اليمني الأسبق علي عبد الله صالح بالوقوف وراء الهجمات الانتحارية، في حين أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن التفجير.
وبحسب تصريحات صحفية، اتهم المحافظ الرئيس صالح والحوثيين بالوقوف وراء هذه التفجيرات، وقال إنها تأتي بالتزامن مع الذكرى الأولى لانطلاق عاصفة الحزم وتدخل قوات التحالف العربي في اليمن.
المشكلة الامنية
إلى ذلك، تظل المشكلة الامنية من المشاكل الاكثر تعقيدًا في عدن، رغم النجاحات التي حققتها الاجهزة الامنية الوليدة، الا ان الاختراقات الامنية تسجل حضورها بين الحين والاخر، سواء كانت عمليات الاغتيال التي تستهدف عدداً من رجال الامن والمخابرات في المدينة، أو اعمال التفجيرات التي تستهدف منشآت امنية وعسكرية.
وكان محافظ عدن قد قال في تصريحات سابقة إن حكومة عدن تعمل على انتزاع الأسلحة من المسلحين غير النظاميين وإنهاء حالة الانفلات الأمني التي تعيشها عدن منذ خروج المليشيات المتمردة، مؤكداً أن أهالي عدن مدنيون ويرفضون أي مظاهر مسلحة، وهم عامل مساعد لنا في تنفيذ خطة تأمين عدن وتطبيع الحياة واستتباب الأمن والاستقرار.
وأكد المحافظ أن الحملة الأمنية متواصلة لنزع السلاح في عدن، والتي يرافقها منع التجوال ليلاً، مشيداً بالجهود البطولية لرجال الأمن والجيش في تأدية المهام المناطة بهم، وتطبيع الأوضاع في مدينة عدن بشكل عام، لافتاً إلى أن جماعات تريد إثارة الفوضى، وهناك خلايا نائمة تابعة للرئيس علي عبد الله صالح، يتم تنشيطها لزعزعة الأمن في عدن.
خلايا مأجورة
ويقول الخبير العسكري والأمني الجنوبي العميد الركن مساعد الحريري إن ما حصل امس الاول جريمة كبيرة في حق الانسانية، واعتداء صارخ في حق الابرياء في مدينة عدن الجنوبية.
ويرى الحريري في حديثه لـ “إيلاف” أن من يقف وراء ما حدث في عدن هي “جماعات مرتبطة بأحزاب سياسية تابعة للمخلوع وخلايا تكفيرية ظلامية مأجورة تعمل بالدفع المسبق من قبل الانقلابيين، ومن خلاياهم النائمة في عدن وبدعم وتسهيل من الاصلاحيين”.
ويضيف: “الجنوب يمر بمرحلة خطيرة من التآمر عليه من قبل الاحزاب الشمالية، وكل ما يحدث هو بمباركتهم لأجل اظهار قيادة عدن غير قادرة على حفظ الامن في عدن، وما تقوم به قيادات الامن والمحافظ في عدن خطوات جبارة في استتباب الامن ومتابعة المسلحين الارهابيين الذين زرعهم المخلوع وعصاباته طيلة عقدين من الزمن ليس بقليل، وما وجود القاعدة في حضرموت وغيرها من مناطق الجنوب الا دليل اعتبارها ورقة احتياطية للمخلوع للعب على وترها تحت مسمى الارهاب أو القاعدة، ونحن نعلم جيدًا انهم من قيادات ومنتسبي الحرس الجمهوري والدليل الآخر هو تعايشهم مع الجيش في حضرموت المؤيد ظاهراً للشرعية، ولكن ينفذ ويعمل بأوامر عفاش والحوثي، وهذا ليس بغريب على كل الاعلاميين والمتابعين والمهتمين بالشأن اليمني”.
وحول تزامن تفجيرات عدن مع الاحتفال بالذكرى الاولى لعاصفة الحزم، يقول الحريري: “لتكون رسالة الى التحالف والى ابناء الجنوب الذين قدموا ارواحهم في سبيل التحرير من الغزاة والمحتلين، وطبيعي جدًا ان يكون مرسلها هو المخلوع والحوثي، وهما لا يريدان لقيادة المقاومة الاستمرار في تثبيت الامن في عدن”.
انتقام
ويستعرض الصحافي صلاح ابو لحيم ما تشهده مدينة عدن ما بين فينة وأخرى من تفجيرات انتحارية واغتيالات لقيادات سياسية وعسكرية الى عدة عوامل مهمة، قائلًا: “هناك عدة عوامل منها تعدد الخلايا النائمة في عدد من مناطق عدن، وعدم سيطرة الامن والجيش علی نطاق واسع من المدينة، بالإضافة الی تعدد اشكال المقاومة الجنوبية، فهناك مقاومة سنية جنوبية ومقاومة شرعية جنوبية ومقاومة جنوبية بحتة، وهي المقاومة التي تمثل النطاق الذي شارك في دحر المليشيات الحوثية وأنصار صالح من عدن، وأضحت اليوم خارج المربع السياسي للحكومة الشرعية والتحالف العربي، وهو ما اتاح بروز جماعات اسلامية متشددة وجماعات ذات بعد سياسي عدائي انتقامي تعمل علی خلخلة وزعزعة الاوضاع في عدن، وكلاهما يلتقيان في باب واحد هو القتل الممنهج والعمليات الانتحارية التي يذهب ضحيتها العشرات من المدنيين، او القوی المدنية المثقفة التي تمثل الحراك السلمي الجنوبي المنادي بفك الارتباط عن الشمال، وهي الحركة الاكثر شيوعًا، والتي تسيطر علی المربع الشعبي والجماهيري الاكبر في الجنوب”.
ويشير ابو لحيم لـ “إيلاف” الى أن التحالف العربي الذي وقف الی جانب ابناء عدن والجنوب اثناء تحرير عدن من المليشيات الحوثية وأنصار صالح قبل سبعة أشهر، يقف اليوم موقفاً صعباً من الواقع الحياتي المر الذي تعيشه عدن والمحافظات المحررة الممتدة من عدن حتی الضالع.
الحياة الآمنة
ويضيف بهذا الصدد: “عدن أضحت اجزاء منها مرتعًا خصبًا للجماعات الارهابية، وكذلك الجماعات ذات البعد العدائي السياسي التي تندرج ضمن خلايا نائمة تنشط من خلال عمليات قتل أو تفجيرات، وهي جماعات تتبع المخلوع صالح او جماعات اخوانية متأسلمة هدفها زعزعة الامن والاستقرار وإسكات الاصوات الجنوبية المنادية بعودة دولة الجنوب ما قبل عام 1990، كذلك افشال مشروع المربع الامني الذي يقوده محافظ عدن عيدروس الزبيدي وقائد شرطة عدن اللواء شلال شائع، بالتعاون مع قوات التحالف العربي، واللذان استطاعا تحقيق انجاز كبير في عودة الحياة الآمنة في عدن رغم الظروف الصعبة التي تعيشها المحافظة” .
ويرى الصحافي بو لحيم أن “الحادث الذي نفذه انتحاريون ليلة امس الاول، وأدی الی مقتل العشرات من المدنيين وأبطال المقاومة الجنوبية في عدن، دليل واضح علی نجاح المربع الامني الذي يقوده محافظ عدن ومدير شرطتها في محاربة تلك الجماعات التي تعيش حالة الاحتضار الاخيرة”، مشيرًا الى أن “من الواجب الحتمي علی دول التحالف وعلی رأسها السعودية والإمارات والحكومة الشرعية في الرياض ضم كل افراد المقاومة الی السلكين العسكري والأمني ودفع رواتبهم وعلاج الجرحی في اسرع وقت، وإلا فإن الفجوة سوف تزداد اتساعًا وستكون مدينة عدن مسرحًا لعمليات انتحارية اكثر بشاعة وتصفيات جسدية ستطال الجميع، وهذا ما لا نرجوه في عدن وكل المحافظات الجنوبية المحررة”.
ودعا بو لحيم الجميع، وفي المقدمة التحالف العربي والحكومة الشرعية، ان “تبتعد عن المهدئات الموضعية، ولكن عليهم ايجاد مصل لعلاج الاوضاع في عدن والجنوب، واشراك كل القوی والنخب السياسية الجنوبية الحية في صناعة القرار، وحينها ستكون النتيجة ايجابية ومؤهلة للسيطرة الكاملة علی الارض، وستشمل السيطرة تحرير ما تبقی من محافظات الجنوب بعد ان يتم تضييق الخناق علی معاقلها الرئيسية في الاجزاء التي تقع تحت سيطرة تلك الجماعات الارهابية والجماعات السياسية الانتقامية، وهذا وذاك لن تؤتي مؤشراته ميدانيًا الا باستيعاب كل القوی الميدانية في اطار واحد وتحت قيادة عسكرية ومدنية واحدة”.
ادارة واحدة
ويقول قائد المقاومة الشعبية الجنوبية في منطقة البساتين بعدن ابو مشعل الكازمي إن حوادث التفجيرات والاغتيالات كلها مرتبطة ببعضها البعض بإدارة واحدة من صنعاء.
ويضيف لـ “إيلاف”: “ارادوا ارسال عدة رسائل مرعبة الى المدينة الحضارية المسالمة عدن، وبعد ساعات يحتفلون في صنعاء، وقد قلنا هذا الكلام مرارًا وتكرارًا لأخوتنا الخليجيين، واليوم نشهده واقعًا نحن كجنوبيين، وندفع الثمن امتدادًا لحرب 1994 الظالمة ضد الجنوب، ومستعدين أن نضحي إلى أن يصل الاخوة في الخليج والمجتمع الدولي كاملاً إلى هذه القناعه، ولا يمكن تفادي هذه الدماء التي تسيل الا بتقرير المصير للشعب الجنوبي لكي تعيش اليمن كاملة في أمن وأمان”.