ما هي فرص المفاوضات الجديدة في الكويت؟ ( تحليل )

- ‎فيتقارير

ما الذي يجعل مفاوضات الكويت في ١٨ أبريل الجاري مختلفة عن التفاوضين السابقين في سويسرا، ولماذا قد تكون فرصها في التوصل للسلام الآن أفضل؟

يمكن القول إن ميزة هذه المفاوضات أنها تأتي بعد تفاهمات مباشرة بين المملكة السعودية والحوثيين وتقدم ملحوظ للتهدئة بينهما على الحدود، وأنها أيضا تتزامن مع تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لأول مرة للإشراف على وقف الأعمال القتالية والهدنة والتي ستعلن غدا، العاشر من الشهر الجاري.

لكن، هل يبدو هذا كافيا للتفاؤل بالتوصل لاتفاق سياسي دائم لإنهاء الحرب والانقلاب؟
من وجهة نظري لا، فلا تزال وجهات النظر متباينة ومتباعدة جدا بشأن تنفيذ القرار الأممي ٢٢١٦، وهل يكون الانسحاب من المدن وتسليم السلاح الثقيل قبل أي اتفاق سياسي لتقاسم السلطة – وهو ما لا يشترطه القرار الأممي ويشترطه الحوثيون-  أم بعده؟

هنا تكمن المعضلة، فقبول الحكومة بمناقشة اتفاق لتقاسم السلطة قبل التزام الحوثيين بالانسحاب من المدن وتسليم السلاح الثقيل سيعد تنازلا خطيرا عن القرار ٢٢١٦، وخرقا واضحا له لصالح الانقلاب وشرعنته، فيما سيعد قبول الحوثيين وصالح بتنفيذ القرار أولا بمثابة استسلام من قبلهم وهو ما لا يبدو أنه يدور في بالهم حتى الآن..

ولهذا لا أتوقع أن يخرج تفاوض الكويت باتفاق سياسي دائم، في هذه الجولة على الأقل، وكل الذي قد يخرج به هو تثبيت الهدنة ووقف الأعمال القتالية لبعض الوقت، وليس في كل الجبهات، ففي حين قد يتحصل الحوثيون على التزام الحكومة بوقف العمليات العسكرية التي تقع في إطار الجيش الوطني في مأرب والجوف وميدي، فإن عملياتهم ستتواصل في كل من تعز والبيضاء ومريس، بحجة أن المقاومة لم تلتزم بوقف النار وأن الجيش الوطني غير قادر على فرض إرادته هناك.

لكن، إن كان هذا هو الحال، فما هي مصلحة الأطراف من الذهاب إلى الكويت إذا؟
بالنسبة للحوثيين فإنهم يعتقدون أنهم قد يحصلون بالحيلة على ما لم يحصلوا عليه في الحرب، ويعتقدون أن الباب إلى ذلك هو المملكة السعودية والتي يراهنون على التفاهمات معها أكثر من المراهنة على مفاوضات الكويت، حسب ناطق الجماعة ومفاوضها “محمد عبدالسلام” الذي قال إن أي شيء قد يتقرر فهو سيتقرر في التفاهم مع المملكة.

لكن، هل يبدو أنهم قد توصلوا لصيغة الاتفاق بشأن الحل السياسي الدائم مع المملكة السعودية قبل الذهاب إلى الكويت، ليتبلور كل شيء وبشكل رسمي هناك؟

من وجهة نظري لا يبدو أن ذلك قد حصل أيضا، فما تزال لغة الحوثيين بعيدة كل البعد عن تصور المملكة للحل، والذي لا يزال يتمحور حول القرار ٢٢١٦، فيما لغة الحوثيين ما تزال تتجاهل حتى إجراءات الثقة الخاصة بالقبول بتنفيذه.
وماذا عن الحكومة؟، يمكن القول إنها تحرص على أن لا تبدو هي الطرف المعرقل للسلام في نظر القوى الدولية، فالذهاب إلى المفاوضات بحد ذاته هو يعفيها من الحرج أمامهم، وإن كانت تدرك جيدا أن فرص السلام مع الحوثيين ما تزال بعيدة، فالحقيقة هي أن كل الأطراف تدرك أن السلام ما يزال بعيدا، ليس إلا التكاذب هو ما تتبادله، بما في ذلك القوى الدولية، المتكاذب الكبير.

يبقى سؤال، إن كان الاتفاق السياسي ما يزال بعيدا، فهل ستصمد الهدنة، وهل ستتحول إلى وقف دائم لإطلاق النا؟

الجواب: كي تتحول أي هدنة لوقف دائم لإطلاق النار، يتطلب الأمر شيئين: اتفاق سياسي دائم، أو أن تفضي الهدنة لوقائع سياسية جديدة على الأرض قابلة للديمومة والاستمرار.

وإن كان الأول غير ممكن في الوقت الراهن، فهل يمكن القول إن الحقائق العسكرية الراهنة على الأرض قابلة للتحول إلى حقائق سياسية جديدة قابلة للديمومة والاستمرار؟

وفي اعتقادي أنه حتى هذه لا تبدو ممكنة، وإن كانت تبدو كرغبة ومشروع ثالث لدى البعض إلى جانب مشروعي الشرعية والانقلاب، فالأمور ما تزال معقدة ومتداخلة بما لا تسمح بتخلق مسارات جديدة تتجاوز حقائق الشرعية أو الانقلاب..