يبدوا المشهد بالعاصمة المؤقتة عدن، شبه خالٍ من النشاطات الشعبية التي ظل المجلس الانتقالي الجنوبي ينظمها منذ انطلاقه مطلع مايو/ ايار من العام ٢٠١٧.
وكان رئيس ما يُعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزُبيدي، قد دعا للتصعيد الشعبي ضد حكومة بن دغر، والتي وصفها بالفاشلة، معتبراً إياها بالمستضاف المؤقت، حيث اتهمها بالفشل في توفير الخدمات وممارستها العقاب الجماعي بحق ما أسماه بشعب الجنوب، داعيا أنصاره للتحرك الفاعل مع الموجهات التي ستصدر في هذا الصدد؛ وذلك في بيان رسمي له بمناسبة ذكرى ١٤ اكتوبر/ تشرين الأول من العام ٢٠١٧.
وأعقب ذلك البيان تنظيم عدة فعاليات جماهيرية بسيطة، حيث لم تستطع سوى حشد المئات إلم يكونوا بالعشرات، وكذا نصب خيام اعتصام بساحة البنوك في كريتر، الا انها بقيت فارغةً دون أي معتصمين عدا العشرات من أنصار الانتقالي والذين يقيمون فيها صلاة الجمعة؛ لكن تلك الساحة هي الأخرى لم تصمد طويلاً فقد تم إلغاءها مطلع ديسمبر من العام ٢٠١٧، وذلك بعد أقل من شهر على انطلاقها، نظراً لانحسار عدد المشاركين فيها؛ ولاسباب أخرى لها أبعادٌ سياسية كما يرى مراقبون.
وانحصرت نشاطات المجلس الانتقالي الأخيرة، في ترتيبات للبيت الداخلي للمجلس اضافة لإنشاء هيئات ودوائر ولجان، وهي خطوات لم تلقَ أي أصداءٍ لدى الشارع الجنوبي، فضلاً عن كونها غير مؤثرة فعلياً على أرض الواقع.
وتعليقاً على ما سبق قال الصحفي ابراهيم ناجي،” بعد محاولاتهم- أي قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي- التظاهر ضد حكومة بن دغر لم يستجب لهم الشارع منذ تدشين مخيمات الاعتصامات بكريتر وهو مادعاهم لحلها لاحقاً.
وأضاف في حديثه لـ”الموقع بوست” وفي ظل إعراض المواطن عن هكذا اعتصامات رغم علمهم بوجود فساد في الحكومة الشرعية وأضعافه في قيادات الانتقالي والمسؤولين المحسوبين عليه؛ الأمر الذي جعلهم يتجهون لإعلان هيئات وتشكيلات للمجلس بهدف لملمة فضيحة عدم استجابة الشارع لاعتصاماتهم، لاسيما وأن المواطن لم يرَ أي انجازات ونجاحات جذرية لهذه الاطراف منذ طرد مليشيات الحوثي من عدن والمناطق الجنوبية الأخرى.
وأوضح أن المجلس الانتقالي يتآكل شعبياً، مُرجعاً ذلك إلى كون قراراه رهيناً لأطراف خارجية، فمن الطبيعي أن يزداد عزلةً خصوصاً بعد التقارب الخليجي- الإماراتي- والشرعية.
وتابع،” وبدلاً من أن تبحث قيادة الانتقالي عن تحالفات جديدة في إطار دول التحالف او مكونات الشرعية، كثَّف ناشطوه هجومهم ضد التحالف والسلطات الشرعية معتقدين بذلك أنهم يرسمون مستقبلهم منفرداً بعيداً عن التوجه الاقليمي الداعي لإنهاء الانقلاب وإعادة الشرعية بأي ثمن كان.
أما الناشط السياسي مختار الجونة، فقال” إن الاحتجاجات السابقة التي كان ينظمها المجلس الانتقالي والتصعيد الذي أعلنوا عنه في وقت سابق كان ذلك من أجل إمتصاص غضب المؤيدين لهم، والذين كانوا أكثر إلحاحاً بمطالبة المجلس بالشفافية والوضوح معهم والعمل الملموس على الأرض.
وأضاف لـ”الموقع بوست”حينما عجز المجلس عن تقديم شيء ملموس لقواعده الشعبية لجأت قيادته لخطابات التصعيد ضد الحكومة، مع علمهم أنه ليس بإمكانهم عمل اي تصعيد فعلي من شأنه طرد الحكومة والمتمثلة برئيسها بن دغر، لسبب بسيط هو كون الإمارات لا تريد أي تصعيد ضد الحكومة.
ويذكر،” ببساطة المجلس الانتقالي ليس سوى أداة ولا يعمل الا في الحدود المرسومة له مسبقاً، فقد سُمح لهم باصدار البيانات وغيرها من التصريحات التي تمتص غضب المؤيدين للمجلس.
ويرى،” بأن المجلس الإنتقالي سوف يستمر باصدار البيانات الحماسية وتشكيل مجالس وغيرها من النشاطات الداخلية وذلك من أجل إطالة عمر المجلس على الواقع وضمان عدم أُفول نجمه.
وبخصوص ما تحدث عنه وزير الدولة المُقال هاني بن بريك من إعلان وزارة دفاع بدلاً عن مجلس عسكري، قللَّ الجونة من خطورة ذلك التهديد، فقال،” نتوقع يُعلن عن عن مجلس عسكري ولكن لن يكون له أي تأثير على أرض الواقع، خاصةً وأننا جميعاً نعرف أن القوة العسكرية التي تتقوى بها قيادة الانتقالي،خاضعة للقوات الإماراتية أكثر من خضوعها لقيادة الانتقالي نفسه والمتمثلة بعيدروس الزُبيدي.
وعللَّ إنخفاض صوت الانتقالي الجنوبي بأنه يُرجح فرضية إبلاغ قيادة التحالف العربي في الجنوب والمتمثلة بـ”الامارات” لقيادات المجلس بأن عمليات التصعيد أو تحريك الشارع الجنوبي لايخدم المصلحة العامة للجنوب والتحالف العربي وأن اي إرباك للشارع لا يخدم سوى ميليشيا الحوثي.
*الموقع بوست