كتب/ أحمد شبح
تتحدث المعلومات والتقارير عن افتتاح “الحشد الشعبي” في العراق مكاتب للتجنيد ومعسكرات لتدريب مقاتلين استعدادا لإرسالهم للقتال في صفوف مليشيا الحوثي في اليمن التي تخوض للعام الرابع على التوالي حربا مع الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا والمدعومة من قوات التحالف العربي بقيادة السعودية ومشاركة الإمارات.
المشروع الإيراني في المنطقة بات اليوم أكثر وضوحا، أقوال وأفعال المليشيا التابعة للحرس الثوري تتحدث عن نفسها بصراحة وجرأة عن فصل جديد للمعركة الإيرانية-العربية يتعدى التصريحات والتهديدات الكلامية.
بعد إحكام قبضة إيران على العراق واستمرار محاولاتها لاستعادة سوريا وبقاء لبنان رهينة بيد الملالي، تتمكن إيران من توسيع حدودها وتوفير خطوط اتصال وامداد بين طهران وبغداد ودمشق وبيروت وتأمين جغرافيا مفيدة ممتدة إلى ثلاث عواصم عربية تشكل أرضية تمركز وقاعدة انطلاق في أطماع التوسع في المنطقة ضمن استراتيجية “الأرض المحروقة” الرامية لاستعادة “الخليج الفارسي”؛ وتطويق دول الخليج بعواصم هشة تغرق في الفوضى وجغرافيا بلا دولة تحكمها أنظمة ومليشيا.
في طهران، يمتلك الحرس الثوري وفيلق القدس ترسانة مهولة من الأسلحة والصواريخ الاستراتيجية وفي صفوفه آلاف المقاتلين ومعهم آلاف المتطوعين المستعدين للموت فداء للمرشد والمعتقد. وفي بيروت يجلس حسن نصر الله على مخزون استراتيجي من سلاح “المقاومة”، وفي صفوف حزب الله آلاف المقاتلين، مرورا بدمشق حيث جيش بشار الأسد وسلاحه.
في بغداد، على بعد أقل من كيلو متر من الحدود الشمالية للسعودية والكويت، تتمركز قوات الحشد الشعبي الشيعي التي تضم أكثر من 130 ألف مقاتل ضمن أكثر من 60 فصيلا وبيدها ترسانة كبيرة من الأسلحة المختلفة التي خلّفها نظام صدام والتي ضخّتها طهران لحلفائها من بعده وسلاح متطور قدّمته أمريكا لأتباع إيران الذين ورثوا النظام البعثي، ثم شحنات وصفقات سلاح قدمتها دول التحالف الدولي للحكومة والحشد تحت لافتة “محاربة داعش ومكافحة الإرهاب”.
الحشد الشعبي، وهو جيش عراقي تقوده حكومة تابعة لإيران ويشرف عليه قاسم سليماني، وتقول قياداته: “لن يأمن الغزاة وهم يقتلوننا في اليمن على مصالحهم بيننا في العراق”، يمنح طهران خيار فتح جبهة جديدة تبقي الحدود العراقية الخليجية ميدان مناوشات وللإغارة والاستنزاف وتثبيت منصات صاروخية وخطوط دفاعية احتياطية وقواعد للطائرات المسيرة لاستهداف مواقع في عمق الخليج في الوقت المناسب.
قد تنجح طهران في تخفيف بعض الضغوط التي يواجهها الحوثيين، واجبار خصومها على انشاء سياج دفاعي وتكديس قوة وعتاد، وتحريك أدواتها وأوراقها النائمة لزعزعة استقرار ممالك النفط وإرباك عواصم الخليج من الداخل تحت لافتات حقوقية ومظلومية سياسية واستضعاف مذهبي. سيكون أمام طهران خيار دفع النظام العراقي للدخول رسميا في حرب شاملة مع السعودية والكويت واجتياح مناطق داخل الحدود الخليجية، وقد تتدخل ايران عسكريا لحماية حليفها ضد عدو مشترك.
وفي صنعاء، على الحدود الجنوبية للرياض، في خاصرة دول الخليج، تتمترس مليشيا الحوثي؛ وبيدها مخزون كبير من السلاح استحوذت عليه من مخازن الجيش اليمني، تم شراؤه في عهد صالح ومخزون السلاح الروسي الاستراتيجي الذي كان بيد النظام الاشتراكي الجنوبي في عدن سابقا، وصواريخ باليستية وطائرات مسيرة وأسلحة متطورة يتم تهريبها للحوثيين رغم السيطرة والحصار البحري والجوي والبري المفروض من قوات الشرعية وقوات التحالف العربي ووجود البوارج الأمريكية في البحرين الأحمر والعربي.
الحوثيون، وهم لافتة للمشروع الإمامي الملكي، في صفوفهم عدد غير قليل من ضباط وأفراد الجيش اليمني ويديرون آلاف المقاتلين من أتباعهم الذين خبروا الحروب الجبلية منذ حروب صعدة 2004م، ومعهم مقاتلين من أبناء القبائل.
مخزون العدد والعتاد، الذي بات بيد طهران يساعدها في ابقاء المعركة خارج أرضها؛ بعيدا عن حدودها وقرب حدود خصومها وأعداؤها، ويمنحها امكانات المناورة والتحكم في زمان ومكان المواجهة، ويساعدها للدفع بقوتها وقدرتها إلى أطراف حدود المملكة ودول الخليج العربي ضمن مخطط التقرب من مكة، عبر العراق شمالا وصنعاء جنوبا، ويمنحها قدرة هجومية وابقاء العرب في وضع دفاعي -في أحسن الأحوال- ويسهل اختراق خطوطهم الدفاعية.
التحشيد العسكري والمذهبي الإيراني الممتد عبر أربع عواصم عربية يُقابله خلاف واختلاف واختلال داخل البيت العربي، والخليجي تحديدا، وما نشهده من تكسير المجاديف الدينية والمذهبية والسياسية والعسكرية وتجريف العمق الشعبي والحاضنة المجتمعية!.
قد تدفع طهران النظام العراقي للتدخل رسميا وارسال المقاتلين لمساندة الحوثيين، كما فعل نظام الراحل علي صالح الذي أرسل كتائب من الجيش للمشاركة في حرب العراق (صدام) ضد إيران 84- 85م. وقد تستدعي حلفائها الدوليين للتدخل عسكريا في اليمن.